سواه، وكل ما سواه فإنه محتاج في وجوده وفي جميع كمالات وجوده إليه، وأما في الوحدانية : فهو الواحد الذي يمتنع أن يحصل له ضد وند وشريك ونظير، وأقول : الحق سبحانه له صفتان أحدهما : استغناؤه في وجوده وفي جميع صفات وجوده عن كل ما سواه الثاني : افتقار كل ما سواه إليه في وجوده وفي صفات وجوده، فالرفيع إن فسرناه بالمرتفع، كان معناه أنه أرفع الموجودات وأعلاها في جميع صفات الجلال والإكرام، وإن فسرناه بالرافع، كان معناه أن كل درجة وفضيلة ورحمة ومنقبة حصلت لشيء سواه، فإنما حصلت بإيجاده وتكوينه وفضله ورحمته.
الصفة الثانية : قوله ﴿ذُو العرش﴾ ومعناه أنه مالك العرش ومدبره وخالقه، واحتج بعض الأغمار من المشابهة بقوله ﴿رَفِيعُ الدرجات ذُو العرش﴾ وحملوه على أن المراد بالدرجات، السموات، وبقوله ﴿ذُو العرش﴾ أنه موجود في العرش فوق سبع سموات، وقد أعظموا الفرية على الله تعالى، فإنا بينا بالدلائل القاهرة العقلية أن كونه تعالى جسماً وفي جهة محال، وأيضاً فظاهر اللفظ لا يدل على ما قالوه، لأن قوله ﴿ذُو العرش﴾ لا يفيد إلا إضافته إلى العرش ويكفي في إضافته إليه بكونه مالكاً له ومخرجاً له من العدم إلى الوجود، فأي ضرورة تدعونا إلى الذهاب إلى القول الباطل والمذهب الفاسد، والفائدة في تخصيص العرش بالذكر هو أنه أعظم الأجسام، والمقصود بيان كمال إلهيته ونفاذ قدرته، فكل ما كان محل التصرف والتدبير أعظم، كانت دلالته على كمال القدرة أقوى.
الصفة الثالثة : قوله ﴿يُلْقِي الروح مِنْ أَمْرِهِ على مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ﴾ وفيه مباحث :