واعلم أن أشرف الأحوال الظاهرة في روحانيات هذا العالم ظهور آثار الوحي، والوحي إنما يتم بأركان أربعة فأولها : المرسل وهو الله سبحانه وتعالى، فلهذا أضاف إلقاء الوحي إلى نفسه فقال :﴿يُلْقِى الروح﴾ والركن الثاني : الإرسال والوحي وهو الذي سماه بالروح والركن الثالث : أن وصول الوحي من الله تعالى إلى الأنبياء لا يمكن أن يكون إلا بواسطة الملائكة، وهو المشار إليه في هذه الآية بقوله ﴿مِنْ أَمْرِهِ﴾ فالركن الروحاني يسمى أمراً، قال تعالى :﴿وأوحى فِى كُلّ سَمَاء أَمْرَهَا﴾ [ فصلت : ١٢ ] وقال :﴿أَلاَ لَهُ الخلق والأمر﴾ [ الأعراف : ٥٤ ] والركن الرابع : الأنبياء الذين يلقي الله الوحي إليهم وهو المشار إليه بقوله ﴿على مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ﴾ والركن الخامس : تعيين الغرض والمقصود الأصلي من إلقاء هذا الوحي إليهم، وذلك هو أن الأنبياء عليهم السلام يصرفون الخلق من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة، ويحملونهم على الإعراض عن هذه الجسمانيات والإقبال على الروحانيات، وإليه الإشارة بقوله ﴿لِيُنذِرَ يَوْمَ التلاق يَوْمَ هُم بارزون﴾ فهذا ترتيب عجيب يدل على هذه الإشارات العالية من علوم المكاشفات الإلهية.
وبقي ههنا أن نبين أنه ما السبب في تسمية يوم القيامة بيوم التلاق ؟ وكم الصفات التي ذكرها الله تعالى في هذه السورة ليوم التلاق ؟
أما السبب في تسمية يوم القيامة بيوم التلاق ففيه وجوه :


الصفحة التالية
Icon