الصفة الرابعة :﴿ذي الطول﴾ أي ذي التفضل يقال طال علينا طولاً أي تفضل علينا تفضلاً، ومن كلامهم طل علي بفضلك، ومنه قوله تعالى :﴿أُوْلُواْ الطول مِنْهُمْ﴾ [ الزمر : ٨٦ ] ومضى تفسيره عند قوله ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً﴾ [ النساء : ٢٥ ] واعلم أنه لم يصف نفسه بكونه ﴿شَدِيدُ العقاب﴾ لا بد وأن يكون المراد بكونه تعالى آتياً بالعقاب الشديد الذي لا يقبح منه إتيانه به، بل لا يجوز وصفه تعالى بكونه آتياً لفعل القبيح، وإذا ثبت هذا فنقول : ذكر بعده كونه ذا الطول وهو كونه ذا الفضل، فيجب أن يكون معناه كونه ذا الفضل بسبب أن يترك العقاب الذي له أن يفعله لأنه ذكر كونه ذا الطول ولم يبين أنه ذو الطول فيماذا فوجب صرفه إلى كونه ذا الطول في الأمر الذي سبق ذكره، وهو فعل العقاب الحسن دفعاً للإجمال، وهذا يدل على أنه تعالى قد يترك العقاب الذي حسن منه تعالى فعله، وذلك يدل على أن العفو عن أصحاب الكبائر جائز وهو المطلوب.
الصفة الخامسة : التوحيد المطلق وهو قوله ﴿لاَ إله إِلاَّ هُوَ﴾ والمعنى أنه وصف نفسه بصفات الرحمة والفضل، فلو كان معه إله آخر يشاركه ويساويه في صفة الرحمة والفضل لما كانت الحاجة إلى عبوديته شديدة، أما إذا كان واحداً وليس له شريك ولا شبيه كانت الحاجة إلى الإقرار بعبوديته شديدة، فكان الترغيب والترهيب الكاملان يحصلان بسبب هذا التوحيد.