وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ حم﴾
اختلف في معناه ؛ فقال عكرمة : قال النبي ﷺ :" ﴿ حم﴾ اسم من أسماء الله تعالى وهي مفاتيح خزائن ربك " قال ابن عباس :"حما" اسم الله الأعظم.
وعنه :"الار" و"حما" و"نا" حروف الرحمن مقطعة.
وعنه أيضاً : اسم من أسماء الله تعالى أقسم به.
وقال قتادة ؛ إنه اسم من أسماء القرآن.
مجاهد : فواتح السور.
وقال عطاء الخراساني : الحاء افتتاح اسمه حميدٌ وحنّانٌ وحليمٌ وحكيمٌ، والميم افتتاح اسمه ملكٌ ومجيدٌ ومنّانٌ ومتكبرٌ ومصوّرٌ ؛ يدلّ عليه ما روى أنس " أن أعرابياً سأل النبي ﷺ : ما "حم" فإنا لا نعرفها في لساننا؟ فقال النبي ﷺ :"بدء أسماء وفواتح سور" " وقال الضحاك والكسائي : معناه قُضِي ما هو كائن.
كأنه أراد الإشارة إلى تهجي "حما" ؛ لأنها تصير حُمَّ بضم الحاء وتشديد الميم ؛ أي قُضِي ووَقَع.
قال كعب بن مالك :
فلمّا تَلاَقَيْنا ودارت بِنَا الرَّحى...
ولَيْسَ لأَمْرٍ حمَّه الله مَدْفَعُ
وعنه أيضاً : إن المعنى حُمَّ أمر الله أي قرب ؛ كما قال الشاعر :
قد حُمَّ يومِي فسُرَّ قومٌ...
قومٌ بهم غَفْلَةٌ ونَومٌ
ومنه سمّيت الحُمَّى ؛ لأنها تقرّب من المنية.
والمعنى المراد قرب نصره لأوليائه، وانتقامه من أعدائه كيوم بدر.
وقيل : حروف هجاء ؛ قال الجرمي : ولهذا تقرأ ساكنة الحروف فخرجت مخرج التهجي، وإذا سميّت سورة بشيء من هذه الحروف أعربت ؛ فتقول قرأت "حام" فتنصب ؛ قال الشاعر :
يُذَكِّرني حاميمَ والرُّمحُ شاجِرٌ...
فهلاَّ تلا حاميمَ قَبْلَ التَّقدُّمِ
وقرأ عيسى بن عمر الثقفي :"حام" بفتح الميم على معنى اقرأ حم أو لالتقاء الساكنين.
ابن أبي إسحاق وأبو السَّمَّال بكسرها.
والإمالة والكسر لالتقاء الساكنين، أو على وجه القسم.
وقرأ أبو جعفر بقطع الحاء من الميم.
الباقون بالوصل.
وكذلك في "حام.
عسقا".