وحكى صاحب زاد المسير عن شيخه ابن منصور اللغوي أنه قال : من الخطأ أن تقول : قرأت الحواميم، وليس من كلام العرب ؛ والصواب أن يقول : قرأت آل حم.
وفي حديث ابن مسعود :" إذا وقعت في آل حميم وقعت في روضات دمثات " انتهى.
فإن صح من لفظ الرسول أنه قال :" الحواميم كان حجة على من منع ذلك "، وإن كان نقل بالمعنى، أمكن أن يكون من تحريف الأعاجم.
ألا ترى لفظ ابن مسعود :" إذا وقعت في آل حميم "، وقول الكميت : وجدنا لكم في آل حاميم؟ وتقدم الكلام على هذه الحروف المقطعة في أول البقرة، وقد زادوا في حاميم أقوالاً هنا، وهي مروية عن السلف، غنينا عن ذكرها، لاضطرابها وعدم الدليل على صحة شيء منها.
فإن كانت حم اسماً للسورة، كانت في موضع رفع على الابتداء، وإلا فتنزيل مبتدأ، ومن الله الخبر، أو خبر ابتداء، أي هذا تنزيل، ومن الله متعلق بتنزيل.
و﴿ العزيز العليم ﴾ : صفتان دالتان على المبالغة في القدرة والغلبة والعلم، وهما من صفات الذات.
وقال الزجاج : غافر وقابل صفتان، وشديد بدل. انتهى.
وإنما جعل غافر وقابل صفتين وإن كانا اسمي فاعل، لأنه فهم من ذلك أنه لا يراد بهما التجدد ولا التقييد بزمان، بل أريد بهما الاستمرار والثبوت ؛ وإضافتهما محضة فيعرف، وصح أن يوصف بهما المعرفة، وإنما أعرب ﴿ شديد العقاب ﴾ بدلاً، لأنه من باب الصفة المشبهة، ولا يتعرف بالأضافة إلى المعرفة، وقد نص سيبويه على أن كل ما إضافته غير محضة، إذا أضيف إلى معرفة، جاز أن ينوي بإضافته التمحض، فيتعرف وينعت به المعرفة، إلا ما كان من باب الصفة المشبهة، فإنه لا يتعرف.
وحكى صاحب المقنع عن الكوفيين أنهم أجازوا في حسن الوجه وما أشبهه أن يكون صفة للمعرفة، قال : وذلك خطأ عند البصريين، لأن حسن الوجه نكرة، وإذا أردت تعريفه أدخلت فيه أل.
وقال أبو الحجاج الأعلم : لا يبعد أن يقصد بحسن الوجه التعريف، لأن الإضافة لا تمنع منه.


الصفحة التالية
Icon