ولم يقبلوا ما جاءوا به من عند الله، ومنهم : عاد وثمود وفرعون وأتباعه، وقدم الهم بالأخذ على الجدال بالباطل، لأن الرسل لما عصمهم الله منهم أن يقتلوهم رجعوا إلى الجدال بالباطل.
وقرأ الجمهور :﴿ برسولهم ﴾ ؛ وقرأ عبد الله : برسولها، عاد الضمير إلى لفظ أمة.
﴿ ليأخذوه ﴾ : ليتمكنوا منه بحبس أو تعذيب أو قتل.
وقال ابن عباس : ليأخذوه : ليملكوه، وأنشد قطرب :
فاما تأخذوني تقتلوني...
فكم من آخذ يهوى خلودي
ويقال للقتيل والأسير : أخيذ.
وقال قتادة :﴿ ليأخذوه ﴾ : ليقتلوه، عبر عن المسبب بالسبب.
﴿ وجادلوا بالباطل ﴾ : أي بما هو مضمحل ذاهب لا ثبات له.
وقيل : الباطل : الكفر.
وقيل : الشيطان.
وقيل : بقولهم :﴿ ما أنتم إلا بشر مثلنا ﴾ ﴿ ليدحضوا ﴾ : ليزلقوا، ﴿ به الحق ﴾ : أي الثابت الصدق.
﴿ فأخذتهم ﴾ : فأهلكتهم.
﴿ فكيف كان عقاب ﴾ إياهم، استفهام تعجيب من استصالهم، واستعظام لما حل بهم، وليس استفهاماً عن كيفية عقابهم، وكانوا يمرون على مساكنهم ويرون آثار نعمة الله فيهم ؛ واجتزأ بالكسر عن ياء الإضافة لأنها فاصلة، والأصل عقابي.
﴿ وكذلك حقت ﴾ : أي مثل ذلك الوجوب من عقابهم وجب على الكفرة، كونهم من أصحاب النار، من تقدم منهم ومن تأخروا.
﴿ أنهم ﴾ : بدل من ﴿ كلمة ربك ﴾، فهي في موضع رفع، ويجوز أن يكون التقدير لأنهم وحذف لام العلة.
والمعنى : كما وجب إهلاك أولئك الأمم، وجب إهلاك هؤلاء، لأن الموجب لإهلاكهم وصف جامع لهم، وهو كونهم من أصحاب النار.
وفي مصحف عبد الله : وكذلك سبقت، وهو تفسير معنى، لا قراءة.
وقرأ ابن هرمز، وشيبة، وابن القعقاع، ونافع، وابن عامر : كلمات على الجمع ؛ وأبو رجاء، وقتادة، وباقي السبعة : على الإفراد. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٧ صـ ﴾