أما طلب النفع الزائد فإنه لا يسمى استغفاراً الثاني : قوله تعالى :﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ﴾ وهذا يدل على أنهم يستغفرون لكل أهل الإيمان، فإذا دللنا على أن صاحب الكبيرة مؤمن وجب دخوله تحت هذه الشفاعة الثالث : قوله تعالى :﴿فاغفر لِلَّذِينَ تَابُواْ﴾ طلب المغفرة للذين تابوا، ولا يجوز أن يكون المراد إسقاط عقوبة الكبيرة بعد التوبة، لأن ذلك واجب على الله عند الخصم، وما كان فعله واجباً كان طلبه بالدعاء قبيحاً، ولا يجوز أيضاً أن يكون المراد إسقاط عقوبة الصغائر، لأن ذلك أيضاً واجب فلا يحسن طلبه بالدعاء، ولا يجوز أن يكون المراد طلب زيادة منفعة على الثواب، لأن ذلك لا يسمى مغفرة، فثبت أنه لا يمكن حمل قوله ﴿فاغفر لِلَّذِينَ تَابُواْ﴾ إلا على إسقاط عقاب الكبيرة قبل التوبة، وإذا ثبت هذا في حق الملائكة فكذلك في حق الأنبياء لانعقاد الإجماع على أنه لا فرق، أما الذي يتمسك به الكعبي وهو أنهم طلبوا المغفرة للذين تابوا، فنقول يجب أن يكون المراد منه الذين تابوا عن الكفر واتبعوا سبيل الإيمان، وقوله إن التائب عن الكفر المصر على الفسق لا يسمى تائباً ولا متبعاً سبيل الله، قلنا لا نسلم قوله، بل يقال إنه تائب عن الكفر وتابع سبيل الله في الدين والشريعة، وإذا ثبت أنه تائب عن الكفر ثبت أنه تائب، ألا ترى أنه يكفي في صدق وصفه بكونه ضارباً وضاحكاً صدور الضرب والضحك عنه مرة واحدة، ولا يتوقف ذلك على صدور كل أنواع الضرب والضحك عنه فكذا ههنا.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon