أي فإنكم تمرون على بلادهم فتعاينون أثر ذلك، وهذا تقرير فيه معنى التعجيب ﴿ وكذلك حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الذين كَفَرُواْ ﴾ ﴿ كلمات رَبكَ ﴾ مدني وشامي ﴿ أَنَّهُمْ أصحاب النار ﴾ في محل الرفع بدل من ﴿ كلمة ربك ﴾ أي مثل ذلك الوجوب وجب على الكفرة كونهم من أصحاب النار، ومعناه كما وجب إهلاكهم في الدنيا بالعذاب المستأصل كذلك وجب إهلاكهم بعذاب النار في الآخرة.
أو في محل النصب بحذف لام التعليل وإيصال الفعل و ﴿ الذين كَفَرُواْ ﴾ قريش، ومعناه كما وجب إهلاك أولئك الأمم كذلك وجب إهلاك هؤلاء ؛ لأن علة واحدة تجمعهم أنهم من أصحاب النار، ويلزم الوقف على النار.
لأنه لو وصل لصار
﴿ الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ ﴾ يعني حاملي العرش والحافين حوله وهم الكروبيون سادة الملائكة صفة لأصحاب النار وفساده ظاهر.
رُوي أن حملة العرش أرجلهم في الأرض السفلى ورءوسهم قد خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم، وفي الحديث " إن الله تعالى أمر جميع الملائكة أن يغدوا ويروحوا بالسلام على حملة العرش تفضيلاً لهم على سائر الملائكة " وقيل : حول العرش سبعون ألف صف من الملائكة يطوفون به مهللين مكبرين، ومن ورائهم سبعون ألف صف قد وضعوا الأيمان على الشمائل ما منهم أحد إلا وهو "يسبح بما لا يسبح به الآخر".
﴿ يُسَبِّحُونَ ﴾ خبر المبتدأ وهو ﴿ الذين ﴾ ﴿ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ أي مع حمده إذ الباء تدل على أن تسبيحهم بالحمدلة ﴿ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ وفائدته مع علمنا بأن حملة العرش ومن حوله من الملائكة الذين يسبحون بحمده مؤمنون إظهار شرف الإيمان وفضله والترغيب فيه كما وصف الأنبياء في غير موضع بالصلاح لذلك، وكما عقب أعمال الخير بقوله :﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين ءامَنُواْ ﴾ [ البلد : ١٧ ].
فأبان بذلك فضل الإيمان، وقد روعي التناسب في قوله :﴿ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾.