﴿ مَا يجادل فِى ءايات الله إِلاَّ الذين كَفَرُواْ ﴾ لما حقق أمر التنزيل سجل بالكفر على المجادلين فيه بالطعن وإدحاض الحق لقوله :﴿ وجادلوا بالباطل لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق ﴾ وأما الجدال فيه لحل عقده واستنباط حقائقه وقطع تشبث أهل الزيغ به وقطع مطاعنهم فيه فمن أعظم الطاعات، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام " إن جدالاً في القرآن كفر " بالتنكير مع أنه ليس جدالاً فيه على الحقيقة. ﴿ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى البلاد ﴾ فلا يغررك إمهالهم وإقبالهم في دنياهم وتقلبهم في بلاد الشام واليمن بالتجارات المربحة فإنهم مأخوذون عما قريب بكفرهم أخذ من قبلهم كما قال :
﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ والأحزاب مِن بَعْدِهِمْ ﴾ والذين تحزبوا على الرسل وناصبوهم بعد قوم نوح كعاد وثمود. ﴿ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ ﴾ من هؤلاء. ﴿ بِرَسُولِهِمْ ﴾ وقرىء "برسولها". ﴿ لِيَأْخُذُوهُ ﴾ ليتمكنوا من إصابته بما أرادوا من تعذيب وقتل من الأخذ بمعنى الأسر. ﴿ وجادلوا بالباطل ﴾ بما لا حقيقة له. ﴿ لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق ﴾ ليزيلوه به. ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ ﴾ بالإِهلاك جزاء لهم. ﴿ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾ فإنكم تمرون على ديارهم وترون أثره. وهو تقرير فيه تعجيب.
﴿ وكذلك حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ ﴾ وعيده أو قضاؤه بالعذاب. ﴿ عَلَى الذين كَفَرُواْ ﴾ بكفرهم. ﴿ أَنَّهُمْ أصحاب النار ﴾ بدل من كلمة ﴿ رَبَّكَ ﴾ بدل الكل أو الاشتمال على إرادة اللفظ أو المعنى.
﴿ الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ ﴾ الكروبيون أعلى طبقات الملائكة وأولهم وجوداً وحملهم إياه وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم وتدبيرهم له، أو كناية عن قربهم من ذي العرش ومكانتهم عنده وتوسطهم في نفاذ أمره. ﴿ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ ﴾ يذكرون الله بمجامع الثناء من صفات الجلال والإِكرام، وجعل التسبيح أصلاً والحمد حالاً لأن الحمد مقتضى حالهم دون التسبيح أصلاً.