﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ ﴾ يوم القيامة فيقال لهم :﴿ لَمَقْتُ الله أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ ﴾ أي لمقت الله إياكم أكبر من مقتكم أنفسكم الأمارة بالسوء. ﴿ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإيمان فَتَكْفُرُونَ ﴾ ظرف لفعل دل عليه المقت الأول لا له لأنه أخبر عنه، ولا للثاني لأن مقتهم أنفسهم يوم القيامة حين عاينوا جزاء أعمالهم الخبيثة إلا أن يؤول بنحو : بالصَّيْفِ ضيّعْتِ اللَّبَن. أو تعليل للحكم وزمان المقتين واحد.
﴿ قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثنتين ﴾ إماتتين بأن خلقتنا أمواتاً ثم صيرتنا أمواتاً عند انقضاء آجالنا، فإن الإماتة جعل الشيء عادم الحياة ابتداء أو بتصيير كالتصغير والتكبير، ولذلك قيل سبحان من صغر البعوض وكبر الفيل، وإن خص بالتصيير فاختيار الفاعل المختار أحد مفعوليه تصيير وصرف له عن الآخر. ﴿ وَأَحْيَيْتَنَا اثنتين ﴾ الإحياءة الأولى وإحياءة البعث. وقيل الإِماتة الأولى عند انخرام الأجل والثانية في القبر بعد الإِحياء للسؤال والإِحياءان ما في القبر والبعث، إذ المقصود اعترافهم بعد المعاينة بما غفلوا عنه ولم يكترثوا به ولذلك تسبب بقوله :﴿ فاعترفنا بِذُنُوبِنَا ﴾ فإن اقترافهم لها من اغترارهم بالدنيا وإنكارهم البعث. ﴿ فَهَلْ إلى خُرُوجٍ ﴾ نوع خروج من النار. ﴿ مّن سَبِيلٍ ﴾ طريق فنسلكه وذلك إنما يقولونه من فرط قنوطهم تعللاً وتحيراً ولذلك أجيبوا بقوله :
﴿ ذلكم ﴾ الذي أنتم فيه. ﴿ بِأَنَّهُ ﴾ بسبب أنه. ﴿ إِذَا دُعِىَ الله وَحْدَهُ ﴾ متحداً أو توحد وحده فحذف الفعل وأقيم مقامه في الحالية. ﴿ كَفَرْتُمْ ﴾ بالتوحيد. ﴿ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ ﴾ بالإِشراك. ﴿ فالحكم للَّهِ ﴾ المستحق للعبادة حيث حكم عليكم بالعذاب السرمد الدائم. ﴿ العلى ﴾ عن أن يشرك به ويسوى بغيره. ﴿ الكبير ﴾ حيث حكم على من أشرك وسوى به بعض مخلوقاته في استحقاق العبادة بالعذاب السرمد.