وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾
ثم أخبر تعالى بحال الكفار وجعل ذلك عقب حال المؤمنين ليبين الفرق، وروي أن هذه الحال تكون للكفار عند دخولهم النار، فإنهم إذا أدخلوا فيها مقتوا أنفسهم، أي مقت بعضهم بعضاً. ويحتمل أن يمقت كل واحد نفسه، فإن العبارة تحتمل المعنيين، والمقت هو احتقار وبغض عن ذنب وريبة. هذا حده، وإذا مقت الكفار أنفسم نادتهم ملائكة العذاب على جهة التوبيخ، فيقولون لهم : مقت الله إياكم في الدنيا إذ كنتم تدعون إلى الإيمان فتكفرون ﴿ أكبر من مقتكم أنفسكم ﴾ اليوم، هذا هو معنى الآية، وبه فسر مجاهد وقتادة وابن زيد. وأضاف المصدر إلى الفاعل في قوله :﴿ لمقت الله ﴾ والمفعول محذوف لأن القول يقتضيه. واللام في قوله :﴿ لمقت ﴾ يحتمل أن تكون لام ابتداء، ويحتمل أن تكون لام القسم، وهذا أصوب. و: ﴿ أكبر ﴾ خبر الابتداء، والعامل في :﴿ إذ ﴾ فعل مضمر تقديره : مقتكم إذ، وقدره قوم اذكروا، وذلك ضعيف يحل ربط الكلام، اللهم إلا أن يقدر أن مقت الله لهم هو في الآخرة، وأنه أكبر من مقتهم أنفسهم، فيصح أن يقدر المضمر اذكروا، ولا يجوز أن يعمل فيه قوله :﴿ لمقت ﴾ لأن خبر الابتداء قد حال بين المقت و﴿ إذ ﴾، وهي في صلته، ولا يجوز ذلك.