وقوله تعالى :﴿ يوم هم بارزون ﴾ معناه في براز من الأرض ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي، ونصب ﴿ يوم ﴾ على البدل من الأول فهو نصب المفعول، ويحتمل أن ينصب على الظرف ويكون العامل فيه قوله :﴿ لا يخفى ﴾ وهي حركة إعراب لا حركة بناء، لأن الظرف لا يبنى إلا إذا أضيف إلى غير متمكن كيومئذ، وكقول الشاعر [ النابغة الذبياني ] :[ الطويل ]
على حين عاتبت المشيب على الصبا... وقلت ألمّا أصحُ والشيب وارع
وكقوله تعالى :﴿ هذا يوم ينفع الصادقين ﴾ [ المائدة : ١١٩ ] وأما في هذه الآية فالجملة أمر متمكن كما تقول : جئت يوم زيد فلا يجوز البناء، وتأمل.
وقوله تعالى :﴿ لا يخفى على الله منهم ﴾ أي من بواطنهم وسرائرهم ودعوات صدورهم، وفي مصحف أبي بن كعب :" لا يخفى عليه منهم شيء " بضمير بدل المكتوبة.
وقوله تعالى :﴿ لمن الملك اليوم ﴾ روي أن الله تعالى يقرر هذا التقدير ويسكت العالم هيبة وجزعاً، فيجيب هو نفسه قوله :﴿ لله الواحد القهار ﴾ قال الحسن بن أبي الحسن هو تعالى السائل وهو المجيب. وقال ابن مسعود : أنه تعالى يقرر فيجيب العالم بذلك، وقيل ينادي بالتقرير ملك فيجيب الناس.
قال القاضي أبو محمد : وإذا تأمل المؤمن أنه لا حول لمخلوق ولا قوة إلا بالله، فالزمان كله وأيام الدهر أجمع إنما الملك فيها ﴿ لله الواحد القهار ﴾، لكن ظهور ذلك للكفرة والجهلة يتضح يوم القيامة، وإذا تأمل تسخير أهل السماوات وعبادتهم ونفوذ القضاء في الأرض فأي ملك لغير الله عز وجل.


الصفحة التالية
Icon