وقال أبو مسلم : يوم الآزفة : يوم المنية وحضور الأجل، يدل عليه أنه يعدل وصف يوم القيامة بأنه يوم التلاق، ويوم بروزهم، فوجب أن يكون هذا اليوم غيره، وهذه الصفة مخصوصة في سائر الآيات، يوم الموت بالقرب أولى من وصف يوم القيامة بالقرب، وأيضاً فالصفات المذكورة بعد قوله :﴿ يوم الآزفة ﴾، لائقة بيوم حضور المنية، لأن الرجل عند معاينة ملائكة العذاب لعظم خوفه، يكاد قلبه يبلغ حنجرته من شدّة الخوف، ولا يكون له حميم ولا شفيع يرفع عنه ما به من أنواع الخوف.
﴿ إذ القلوب لدى الحناجر ﴾، قيل : يجوز أن يكون ذلك يوم القيامة حقيقة، ويبقون أحياء مع ذلك بخلاف حالة الدنيا، فإن من انتقل قلبه إلى حنجرته مات، ويجوز أن يكون ذلك كناية عن ما يبلغون إليه من شدة الجزع، كما تقول : كادت نفسي أن تخرج، وانتصب كاظمين على الحال.
قال الزمخشري : هو حال عن أصحاب القلوب على المعنى، إذا المعنى : إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين عليها، ويجوز أن تكون حالاً عن القلوب، وأن القلوب كاظمة على غم وكرب فيها، مع بلوغها الحناجر.
وإنما جمع الكاظم جمع السلامة، لأنه وصفها بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء، كما قال :﴿ رأيتهم لي ساجدين ﴾ وقال : فظلت أعناقهم لها خاضعين، ويعضده قراءة من قرأ : كاظمون، ويجوز أن يكون حالاً عن قوله : أي وانذرهم مقدرين.
وقال ابن عطية : كاظمين حال، مما أبدل منه قوله تعالى :﴿ تشخص فيه الأبصار مهطعين ﴾ أراد تشخص فيه أبصارهم، وقال الحوفي : القلوب رفع بالإبتداء، ولدى الحناجر الخبر متعلق بمعنى الاستقرار.
وقال أبو البقاء : كاظمين حال من القلوب، لأن المراد أصحابها. انتهى.


الصفحة التالية
Icon