﴿ كَذَلِكَ ﴾ أي كما طبع الله على قلوب هؤلاء المجادلين فكذلك ﴿ يَطْبَعُ الله ﴾ أي يختم ﴿ على كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ حتى لا يعقل الرشاد ولا يقبل الحق.
وقراءة العامة "عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ" بإضافة قلب إلى المتكبر واختاره أبو حاتم وأبو عبيد.
وفي الكلام حذف والمعنى :"كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ" على كل "مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ" فحذف "كُلّ" الثانية لتقدّم ما يدلّ عليها.
وإذا لم يقدر حذف "كلّ" لم يستقم المعنى ؛ لأنه يصير معناه أنه يطبع على جميع قلبه وليس المعنى عليه.
وإنما المعنى أنه يطبع على قلوب المتكبرين الجبارين قلباً قلباً.
ومما يدل على حذف "كُلّ" قول أبي دُؤَاد :
أَكُلَّ امْرِىءٍ تَحْسَبِين امْرأً...
ونارٍ تَوَقَّدُ بِاللَّيلِ نارا
يريد وكلّ نارٍ.
وفي قراءة ابن مسعود "عَلَى قَلْبِ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ" فهذه قراءة على التفسير والإضافة.
وقرأ أبو عمرو وابن محيصن وابن ذكوان عن أهل الشام "قلبٍ" منون على أن "متكبرٍ" نعت للقلب فكنى بالقلب عن الجملة ؛ لأن القلب هو الذي يتكبر وسائر الأعضاء تبع له ؛ ولهذا قال النبي ﷺ :" إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " ويجوز أن يكون على حذف المضاف ؛ أي على كل ذي قلب متكبر ؛ تجعل الصفة لصاحب القلب.
قوله تعالى :﴿ وَقَالَ فَرْعَوْنُ ياهامان ابن لِي صَرْحاً ﴾ لما قال مؤمن آل فرعون ما قال، وخاف فرعون أن يتمكن كلام هذا المؤمن في قلوب القوم، أوهم أنه يمتحن ما جاء به موسى من التوحيد، فإن بان له صوابه لم يخفِه عنهم، وإن لم يصح ثبتهم على دينهم ؛ فأمر وزيره هامان ببناء الصرح.
وقد مضى في "القصص" ذكره.
﴿ لعلي أَبْلُغُ الأسباب ﴾ ﴿ أَسْبَابَ السماوات ﴾ "أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ" بدل من الأوّل.
وأسباب السماء أبوابها في قول قتادة والزهري والسدّي والأخفش ؛ وأنشد :