وجملة ﴿ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله ﴾ خبر ﴿ إنَّ من باب الإِخبار بالإِنشاء، وهي إنشاء ذمِّ جدالِهم المقصود منه كَمُّ فم الحق، أي كبر جدالهم مَقْتاً عند الله، ففاعل كبر ﴾ ضمير الجدال المأخوذ من ﴿ يجادلون ﴾ على طريقة قوله :﴿ إعدلوا هو أقرب للتقوى ﴾ [ المائدة : ٨ ].
و﴿ مقتاً تمييز للكُبْر وهو تمييز نسبة محول عن الفاعل، والتقدير : كبر مَقْتُ جدالهم.
وفعل كبر ﴾
هنا ملحق بأفعال الذم مثل : ساء، لأن وزن فَعْل بضم العين يجيء بمعنى : نِعْم وبِئس، ولو كانت ضمة عينه أصلية وبهذا تفظيع بالصراحة بعد أن استفيد من صلة الموصول أن جدالهم هو سبب إضلالهم ذلك الإِضلال المكين، فحصل بهذا الاستئناف تقرير فظاعة جدالهم بطريقي الكناية والتصريح.
والكِبَر : مستعار للشدة، أي مُقِت جدالُهم مَقْتاً شديداً.
والمقت : شدة البغض، وهو كناية عن شدة العقاب على ذلك من الله.
وكونه مَقتاً عند الله تشنيع لهم وتفظيع.
أما عطف ﴿ وَعِندَ الذِينَ ءامَنُوا ﴾ فلم أر في التفاسير الكثيرة التي بين يدي من عَرج على فائدة عطف ﴿ وعند الذين آمنوا ﴾ ما عدا المَهائمي في "تبصرة الرحمان" إذ قال :﴿ كَبُرَ مقْتَاً عِندَ الله ﴾ وهو موجب للإِضلال، ويدل على أنه كبر مقتاً أنه عند الذين آمنوا، وهم المظاهر التي يظهر فيها ظهورُ الحق ا ه.
وكلمة المهائمي كلمة حسنة يعني أن كونه مقتاً عند الله لا يحصل في علم الناس إلا بالخبَر فزيد الخبر تأييداً بالمشاهدة فإن الذين آمنوا على قِلتهم يومئذٍ يظهر بينهم بغض مجادلة المشركين.


الصفحة التالية
Icon