وافتتاحها بـ ﴿ كذلك ﴾ كافتتاح قوله تعالى :﴿ وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ﴾ في سورة البقرة ( ١٤٣ )، أي مثل ذلك التزيين أي تزيين عمل فرعون زُيّن له سوء عمله مبالغة في أن تزيين عمله له بلغ من القوة في نوعه ما لا يوجد له شِبْه يُشبَّه به فمن أراد تشبيهه فليشبّهه بعيْنه.
وبُني فعل ﴿ وكذلك ﴾ إلى المجهول لأن المقصود معرفة مفعول التزيين لا معرفة فَاعله، أي حَصل له تزيين سوء عمله في نفسه فحسِب الباطل حقّاً والضلال اهتداء.
وقرأ الجمهور :﴿ وَصَدَّ ﴾ بفتح الصاد وهو يجوز اعتباره قاصراً الذي مضارعه يصِدّ بكسر الصاد، ويجوز اعتباره متعدياً الذي مضارعه يصُد بضم الصاد، أي أعرض عن السبيل ومنع قومه اتباع السبيل.
وقرأه حمزة والكسائي وعاصم بضم الصاد.
والقول فيه كالقول في :﴿ زُيِّنَ لِفِرعونَ سُوءُ عَمَلهِ ﴾.
وتعريف ﴿ السبيل ﴾ للعهد، أي سبيل الله، أو سبيل الخير، أو سبيل الهدى.
ويجوز أن يكون التعريف للدلالة على الكمال في النوع، أي صد عن السبيل الكامل الصالح.
وجملة ﴿ ومَا كَيْدُ فِرعون إلا في تَبَابٍ ﴾ عطف على جملة ﴿ وكذلك زُيِّنَ لفرعون سُوَءُ عَمَلِه ﴾، والمراد بكيده ما أَمر به من بناء الصرح والغايةِ منه، وسمي كيداً لأنه عمل ليس المراد به ظاهره بل أريد به الإِفضاء إلى إيهام قومه كذب موسى عليه السلام.
والتباب : الخسران والهلاك، ومنه :﴿ تَبَّتْ يَدَا أبي لهببٍ وتَبَّ ﴾ [ المسد : ١ ]، وحرف الظرفية استعارة تبعية لمعنى شدة الملابسة كأنه قيل :"ومَا كَيدُ فرعون إلاَّ بتَبَابٍ شديد".
والاستثناء من أحوال مقدرة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon