ولما قال فرعون بمحضر من ملإه ﴿ فأطلع إلى إله موسى ﴾ اقتضى كلامه الإقرار ب ﴿ إله موسى ﴾، فاستدرك ذلك استدراكاً قلقاً بقوله :﴿ وإني لأظنه كاذباً ﴾، ثم قال تعالى :﴿ وكذلك زين ﴾ أي إنه كما تخرق فرعون في بناء الصرح والأخذ في هذه الفنون المقصرة كذلك جرى جميع أمره. و: ﴿ زين ﴾ أي زين الشيطان سوء عمله في كل أفعاله.
وقرأ الجمهور :" وصد عن السبيل " بفتح الصاد بإسناد الفعل إلى فرعون. وقرأ حمزة والكسائي وعاصم وجماعة :" وصُدَّ " بضم الصاد وفتح الدال المشددة عطفاً على ﴿ زين ﴾ وحملاً عليه. وقرأ يحيى بن وثاب :" وصِد " بكسر الصاد على معنى صد، أصله، صدد، فنقلت الحركة ثم أدغمت الدال في الدال. وقرأ ابن أبي إسحاق وعبد الرحمن بن أبي بكرة بفتح الصاد ورفع الدال المشددة وتنوينها عطفاً على قوله :﴿ سوء عمله ﴾.
و: ﴿ السبيل ﴾ سبيل الشرع والإيمان و﴿ التباب ﴾ : الخسران، ومنه :﴿ تبت يدا أبي لهب ﴾ [ المسد : ١ ] وبه فسر مجاهد وقتادة. وتب فرعون ظاهر، لأنه خسر ماله في الصرح وغيره، وخسر ملكه وخسر نفسه وخلد في جهنم، ثم وعظ الذي آمن فدعا إلى اتباع أمر الله.
وقوله :﴿ اتبعون أهدكم ﴾ يقوي أن المتكلم موسى، وإن كان الآخر يحتمل أن يقول ذلك، أي اتبعوني في اتباعي موسى، ثم زهد في الدنيا وأخبر أنه شيء يتمتع به قليلاً، ورغب في الآخرة إذ هي دار الاستقرار.
وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم وأبو رجاء وشيبة والأعمش :" يَدخُلون " بفتح الياء وضم الخاء. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم والأعرج والحسن وأبو جعفر وعيسى :" يُدخَلون " بضم الياء وفتح الخاء. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾