السحر أخرى إلى غير ذلك من المطاعن وفضول الكلام. فأما البحث عنها لاستنباط حقائقها والوقوف على دقائقها وحل مشكلاتها فنوع من الجهاد في سبيل الله، ولمكان الفرق بين هذين الجدالين قال ﷺ " إن جدالاً في القرآن كفر " فنكر الجدال ليشمل أحد نوعيه فقط وهو الجدال بالباطل كما يجيء في قوله ﴿ وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ﴾ ثم عقب الكلام بقوله ﴿ فلا يغررك ﴾ ليعلم أن جدالهم الصادر عن البطر والأشر والجاه والخدم لا اعتبار به وكذا ﴿ تقلبهم في البلاد ﴾ للتجارات والمكاسب فإن قريشاً كانت أصحاب أموال متجرين إلى الشام واليمن مترفين بأموالهم مستكبرين عن قبول الحق لذلك.
ثم مثل حالهم بحال الأمم السالفة الذين تحزبوا على الرسل وكادوا يقتلونهم فأهلكهم الله ودمرهم ونجى الرسل. ثم بين بقوله ﴿ وكذلك حقت ﴾ أنهم في الآخرة أيضاً معذبون. وقوله ﴿ أنهم أصحاب النار ﴾ بدل من ﴿ كلمة ربك ﴾ أي مثل ذلك الوجوب وجب على الكفرة كونهم في الآخرة من أصحاب النار. وجوّز جار الله أن يكون ﴿ أنهم ﴾ في محل النصب بحذف لام التعليل وإيصال الفعل. وقوله ﴿ الذين كفروا ﴾ قريش أي كما وجب إهلاك أولئك الأمم كذلك وجب إهلاك هؤلاء لأن العلة الجامعة وهي أنهم أصحاب النار واحدة في الفريقين. ومن قرأ ﴿ كلمات ﴾ على الجمع أراد بها علم الله السابق أو معلوماته التي لا نهاية لها، أو الآيات الواردة في وعيد الكفار.


الصفحة التالية
Icon