وفي "الكشاف" أنه من الإِظهار في مقام الإِضمار للتهويل بلفظ ﴿ جهنم ﴾، والمسلك الذي سلكناه أوضح.
وفي إضافة ( رب ) إلى ضمير المخاطبين ضرب من الإِغراء بالدعاء، أي لأنكم أقرب إلى استجابته لكم.
ولما ظنُّوهم أرجى للاستجابة سألوا التخفيف يوماً من أزمنة العذاب وهو أنفع لهم من تخفيف قوة النار الذي سألوه من مستكبريهم.
وجزم ﴿ يخفف ﴾ بعد الأمر بالدعاء، ولعله بتقدير لام الأمر لكثرة الاستعمال، ومن أهل العربية من يجعله جزماً في جواب الطلب لتحقيق التسبب.
فيكون فيه إيذان بأن الذين في النار واثقون بأن خزنة جهنم إذا دعوا الله استجاب لهم.
وهذا الجزم شائع بعد الأمر بالقول وما في معناه لهذه النكتة وحقه الرفع أو إظهار لام الأمر.
وتقدم الكلام عليه عند قوله تعالى :﴿ قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة ﴾ في سورة [ إبراهيم : ٣١ ].
( وضمّن ﴿ يخفف ﴾ معنى ينقص فنصب ﴿ يوماً، ﴾ أو هو على تقدير مضاف، أي عذاب يوم، أي مقدار يوم، وانتصب ﴿ يوماً ﴾ على المفعول به ل ﴿ يخفف ﴾.
واليومُ كناية عن القلة، أي يخفف عنا ولو زمناً قليلاً.
و﴿ مِنَ العَذَابِ ﴾ بيان ل ﴿ يوماً ﴾ لأنه أريد به المقدار فاحتاج إلى البيان على نحو التمييز.
ويجوز تعلقه بـ ﴿ يخفف ﴾.
وجوَابُ خزنة جهنم لهم بطريق الاستفهام التقريري المراد به : إظهارُ سوء صنيعهم بأنفسهم إذ لم يتبعوا الرسل حتى وقعوا في هذا العذاب، وتنديمُهم على ما أضاعوه في حياتهم الدنيا من وسائل النجاة من العقاب.
وهو كلام جامع يتضمن التوبيخ، والتنديم، والتحسير، وبيان سبب تجنب الدعاء لهم، وتذكيرهم بأن الرسل كانت تحذرهم من الخلود في العذاب.
والواو في قوله :﴿ أوَلَمْ تَكُ تَأتِيكُم رُسُلُكُم ﴾ لم يعرج المفسرون على موقعها.