في قوله ﴿ ويوم تقوم الساعة ﴾ قيل : لم لا يجوز أن يكون المراد بعرض النار عرض النصائح عليهم في الدنيا لأن سماع الحق مرّ طعمه؟ قلنا : عدول عن الظاهر من غير دليل. ولما انجز الكلام إلى شرح أحوال أهل النار عقبة بذكر المناظرات التي تجري فيها بين الرؤساء والأتباع والمعنى : اذكر يا محمد وقت تحاجهم وقد مر نظير ذلك مراراً. وفي قولهم ﴿ إن الله قد حكم بين العباد ﴾ أي قضى لكل فريق بما يستحقه إشارة إلى الإقناط الكليّ، ولهذا رجعوا عن محاجة المتبوعين إلى الالتماس من خزنة النار أن يدعوا الله بتخفيف العذاب عنهم زماناً. قال المفسرون : إنما لم يقل لخزنتها لأن جهنم اسم قعر الناس فكأن لخزنتها قرباً من الله وهم أعظم درجة من سائر الخزنة فلذلك خصوهم بالخطاب. أما قول الخزنة لهم ﴿ فادعوا ﴾ ودعاء الكافر لا يسمع ؛ فالمراد به التوبيخ والتنبيه على اليأس كأنهم قالوا : الشفاعة مشروطة بشيئين : كون المشفوع له مؤمناً والشافع مأذوناً له فيها، والأمر إن ههنا مفقودان على أن الحجة قد لزمتهم والبينة ألجأتهم. ثم أكدوا ذلك بقولهم ﴿ وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ﴾ أي لا أثر له ألبتة. أ هـ ﴿غرائب القرآن حـ ٦ صـ ٣٢ ـ ٣٨﴾