وقال الكلبي : ليس له شفاعة ﴿ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى الله ﴾ أي : مرجعنا، ومصيرنا إليه بالموت أوّلاً، وبالبعث آخراً، فيجازي كل أحد بما يستحقه من خير، وشرّ ﴿ وَأَنَّ المسرفين هُمْ أصحاب النار ﴾ أي : المستكثرين من معاصي الله.
قال قتادة، وابن سيرين : يعني : المشركين.
وقال مجاهد، والشعبي : هم السفهاء السفاكون للدّماء بغير حقها.
وقال عكرمة : الجبارون، والمتكبرون.
وقيل : هم الذين تعدّوا حدود الله، "وأن" في الموضعين عطف على "أن" في قوله :﴿ أَنَّمَا تَدْعُونَنِى إِلَيْهِ ﴾، والمعنى : وحقّ أن مردّنا إلى الله، وحقّ أن المسرفين إلخ ﴿ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ﴾ إذا نزل بكم العذاب، وتعلمون أني قد بالغت في نصحكم، وتذكيركم، وفي هذا الإبهام من التخويف، والتهديد ما لا يخفى ﴿ وَأُفَوّضُ أَمْرِى إِلَى الله ﴾ أي : أتوكل عليه، وأسلم أمري إليه.
قيل : إنه قال هذا لما أرادوا الإيقاع به.
قال مقاتل : هرب هذا المؤمن إلى الجبل، فلم يقدروا عليه.
وقيل : القائل هو : موسى، والأوّل أولى.
﴿ فَوقَاهُ الله سَيّئَاتِ مَا مَكَرُواْ ﴾ أي : وقاه الله ما أرادوا به من المكر السيّىء، وما أرادوه به من الشرّ.
قال قتادة : نجاه الله مع بني إسرائيل ﴿ وَحَاقَ بِئَالِ فِرْعَوْنَ سُوء العذاب ﴾ أي : أحاط بهم، ونزل عليهم سوء العذاب.
قال الكسائي : يقال : حاق يحيق حيقاً، وحيوقاً : إذا نزل، ولزم.
قال الكلبي : غرقوا في البحر، ودخلوا النار، والمراد بآل فرعون : فرعون، وقومه، وترك التصريح به للاستغناء بذكرهم عن ذكره لكونه أولى بذلك منهم، أو المراد بآل فرعون فرعون نفسه.
والأوّل أولى ؛ لأنهم قد عذبوا في الدنيا جميعاً بالغرق، وسيعذبون في الآخرة بالنار، ثم بيّن سبحانه ما أجمله من سوء العذاب، فقال :﴿ النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً ﴾، فارتفاع النار على أنها بدل من سوء العذاب.