ثم أخبروهم : بأن دعاءهم لا يفيد شيئاً، فقالوا :﴿ وَمَا دُعَاء الكافرين إِلاَّ فِى ضلال ﴾ أي : في ضياع، وبطلان، وخسار، وتبار، وجملة :﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والذين ءامَنُواْ ﴾ مستأنفة من جهته سبحانه، أي : نجعلهم الغالبين لأعدائهم القاهرين لهم، والموصول في محل نصب عطفاً على رسلنا، أي : لننصر رسلنا، وننصر الذين آمنوا معهم ﴿ فِي الحياة الدنيا ﴾ بما عوّدهم الله من الانتقام منهم بالقتل، والسلب، والأسر، والقهر ﴿ وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد ﴾، وهو : يوم القيامة.
قال زيد بن أسلم : الأشهاد هم : الملائكة، والنبيون.
وقال مجاهد، والسدّي : الأشهاد الملائكة تشهد للأنبياء بالإبلاغ، وعلى الأمم بالتكذيب.
قال الزجاج : الأشهاد جمع شاهد مثل صاحب، وأصحاب.
قال النحاس : ليس باب فاعل أن يجمع على أفعال، ولا يقاس عليه، ولكن ما جاء منه مسموعاً أدّى على ما يسمع، فهو على هذا جمع شهيد، مثل شريف، وأشراف، ومعنى نصرهم يوم يقوم الأشهاد : أن الله يجازيهم بأعمالهم، فيدخلهم الجنة، ويكرمهم بكراماته، ويجازي الكفار بأعمالهم، فيلعنهم، ويدخلهم النار، وهو معنى قوله :﴿ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظالمين مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللعنة ﴾ أي : البعد عن الرّحمة ﴿ وَلَهُمْ سُوء الدار ﴾ أي : النار، ويوم بدل من يوم يقوم الأشهاد، وإنما لم تنفعهم المعذرة ؛ لأنها معذرة باطلة، وتعلة داحضة، وشبهة زائغة.
قرأ الجمهور :( تنفع ) بالفوقية.
وقرأ نافع، والكوفيون بالتحتية، والكل جائز في اللغة.
وقد أخرج البخاريّ في تاريخه، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله :﴿ وَأَنَّ المسرفين هُمْ أصحاب النار ﴾ قال : السفاكين للدّماء بغير حقها.
وأخرج البخاري، ومسلم، وغيرهما عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ :


الصفحة التالية
Icon