وهذا وعْد للمؤمنين بأن الله ناصرهم على من ظلمهم في الحياة الدنيا بأن يوقع الظالم في سوء عاقبة أو بأن يسلط عليه من ينتقم منه بنحوٍ أو أشدَّ مما ظلَم به مؤمناً.
والأشهاد : جمع شَاهد.
والقيام : الوقوف في الموقف.
والأشهاد : الرسل، والملائكة الحفَظةُ والمؤمنون من هذه الأمة، كما أشار إليه قوله :﴿ لتكونوا شهداء على الناس ﴾ [ البقرة : ١٤٣ ]، وذلك اليوم هو يوم الحشر، وشهادة الرسل على الذين كفروا بهم من جملة نصرهم عليهم وكذلك شهادة المؤمنين.
و﴿ يومَ لاَ يَنفَعُ الظالمين مَعْذِرَتُهُم ﴾ بدل من ﴿ يوم يقوم الأشهاد ﴾ وهو منصوب على البدلية من الظرف.
والمراد بالظالمين : المشركون.
والمعذرة اسم مَصْدر اعتَذر، وتقدم عند قوله تعالى :﴿ قالوا معذرة إلى ربكم ﴾ في سورة [ الأعراف : ١٦٤ ].
وظاهرُ إضافة المعذرة إلى ضميرهم أنهم تصدر منهم يومئذٍ معذرة يعتذرون بها عن الأسباب التي أوجبت لهم العذاب مثل قولهم :﴿ ربنا هؤلاء أضلونا ﴾ [ الأعراف : ٣٨ ] وهذا لا ينافي قوله تعالى :﴿ ولا يؤذن لهم فيعتذرون ﴾ [ المرسلات : ٣٦ ] الذي هو في انتفاء الاعتذار من أصله لأن ذلك الاعتذار هو الاعتذار المأذون فيه، وقد تقدم ذلك عند قوله تعالى :﴿ فيومئذٍ لا تنفع الذين ظلموا معذرتهم ﴾ في سورة [ الروم : ٥٧ ].
( وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي وخلف ﴿ لا ينفع ﴾ بالياء التحتية لأن الفاعل وهو "معذرة" غير حقيقي التأنيث وللفصل بين الفعل وفاعله بالمفعول.
وقرأ الباقون بالتاء الفوقية على اعتبار التأنيث اللفظي.
و﴿ لَهُمُ اللَّعْنَةُ ﴾ عطف على جملة ﴿ لا يَنفَعُ الظالمين معذِرَتُهُم ﴾ أي ويوم لهم اللعنة.
واللعنة : البعد والطرد، أي من رحمة الله، ﴿ ولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ هي جهنم.
وتقديم ( لهم ) في هاتين الجملتين للاهتمام بالانتقام منهم.
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (٥٣)