وقال أبو العالية : الناس الدجال وهو بناء على ما روى عنه في المجادلين، ولعمري أن تطبيق هذا ونحوه على ذلك في غاية البعد وأنا لا أقول به ﴿ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ وهم الكفرة، ولما كان ما قبل لإثبات البعث الذي يشهد له العقل وتقتضيه الحكم اقتضاء ظاهراً ناسب نفي العلم عمن كفر به لأنهم لو كانوا من العقلاء الذين من شأنهم التدبر والتفكر فيما يدل عليه لم يصدر عنهم إنكاره، ولم يذكر للعلم مفعولاً لأن المناسب للمقام تنزيله منزلة اللازم، وقيل : المراد لا يعلمون أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس أي لا يجرون على موجب العلم بذلك من الإقرار بالبعث ومن لا يجري على موجب علمه هو والجاهل سواء.
وفي "البحر" أنه تعالى نبه على أنه لا ينبغي أن يجادل في آيات الله ولا يتكبر الإنسان بقوله سبحانه :﴿ لَخَلْقُ ﴾ الخ أي أن مخلوقاته تعالى أكبر وأجل من خلق البشر فما لأحدهم يجادل ويتكبر على خالقه سبحانه وتعالى ولكن أكثر الناس لا يعلمون لا يتأملون لغلبة الغفلة عليهم ولذلك جادلوا وتكبروا، ولا يخفى أنه تفسير قليل الجدوى.


الصفحة التالية
Icon