وشيبة بياء الغيبة والضمير للناس أو الكفار، قال الزمخشري : والتاء أعم، وعلله "صاحب التقريب" بأن فيه تغليب الخطاب على الغيبة، وقال القاضي : إن التاء للتغليب أو الالتفات أو أمر الرسول ﷺ بالمخاطبة أي بتقدير قل قبله، وآثر العلامة الطيبي الالتفات لأن العدول من الغيبة إلى الخطاب في مقام التوبيخ يدل على العنف الشديد والإنكار البليغ، فهذه الآية متصلة بخلق السماوات وهو كلام مع المجادلين.
وتعقبه "صاحب الكشف" بأنه يجوز أن يجعل ما ذكر نكتة التغليب فيكون أولى لفائدة التعميم أيضاً فليفهم، والظاهر أن التغليب جار على احتمال كون الضمير للناس واحتمال كونه للكفار لأن بعض الناس أو الكفار مخاطب هنا ؛ والتقليل أيضاً يصح إجراؤه على ظاهره لأن منهم من يتذكر ويهتدي، وقال الجلبي : الضمير إذا كان للناس فالتقليل على معناه الحقيقي والمستثنى هم المؤمنون وإذا كان للكفار فهو بمعنى النفي، ثم الظاهر أن المخاطب من خاطبه ﷺ من قريش فمن قال : المخاطب هو النبي عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى :﴿ فاصبر ﴾ [ غافر : ٥٥ ] ولا يناسب إدخاله فيمن لم يتذكر فقدسها ولم يتذكر.
﴿ إِنَّ الساعة لاَتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا ﴾ أي في مجيئها أي لا بد من مجيئها ولا محالة لوضوح الدلالة على جوازها وإجماع الأنبياء على الوعد الصادق بوقوعها.
ويجوز أن يكون المعنى أنها آتية وأنها ليست محلاً للريب أي لوضوح الدلالة إلى آخر ما مر، والفرق أن متعلق الريب على الأول المجيء وعلى هذا الساعة والحمل عليه أولى.
﴿ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ لا يصدقون بها لقصور نظرهم على ما يدركونه بالحواس الظاهرة واستيلاء الأوهام على عقولهم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢٤ صـ ﴾