قال علماؤنا رحمة الله عليهم : هؤلاء هم القدرية والخوارج، ومن سلك النار سبيلهم. وافترقوا في ذلك فرقاً. فصار أبو الهذيل وبشر : إلى أن خرج عن سلمة الإيمان، فإنه يعذب بين النفختين، وأن المساءلة إنما تقع في تلك الأوقات وأثبت البلخي وكذلك الجبائي وابنه : عذاب القبر. ولكنهم نفوه عن المؤمنين وأثبتوه الكافرين والفاسقين. وقال الأكثرون من المعتزلة : لا يجوز تسمية ملائكة الله تعالى بمنكر ونكير، وإنما المنكر ما يبدو من تلجلجله إذا سئل، وتقريع الملكين له هو النكير، وقال صالح : عذاب القبر جائز، وأنه يجري على الموتى من غير رد الأرواح إلى الأجساد، وأن الميت يجوز أن يألم ويحس ويعلم. وهذا مذهب جماعة من الكرامية. وقال بعض المعتزلة : إن الله يعذب الموتى في قبورهم، ويحدث فيهم الآلآم وهم لا يشعرون، فإذا حشروا وجدوا تلك الآلام. وزعموا أن سبيل المعذبين من الموتى، كسبيل السكران أو المغشى عليه، لو ضربوا لم يجدوا الآلام، فإذا عاد إليهم العقل وجدوا تلك الآلام، وأما الباقون من المعتزلة. مثل ضرار بن عمرو وبشر المريسي ويحيى بن كامل وغيرهم، فإنهم أنكروا عذاب القبر أصلاً، وقالوا : إن من مات فهو ميت في قبره إلى يوم البعث وهذه أقوال كلها فاسدة تردها الأخبار الثابتة وفي التنزيل : النار يعرضون عليها غدواً وعشياً. وسيأتي من الأخبار مزيد بيان، وبالله التوفيق
والعصمة والله أعلم. أ هـ ﴿التذكرة فى أحوال الموتى صـ ١٢٩ ـ ١٤٨﴾