﴿ لاَ جَرَمَ ﴾ لا ردَّ لما دعَوهُ إليهِ وجرمَ فعلٌ ماضٍ بمعَنْى حَقَّ وفاعلُه قولُه تعالى :﴿ إِنَّ مَا تَدْعُونَنِى إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِى الدنيا وَلاَ فِى الأخرة ﴾ أيْ حق ووجب عدم دعوة آلهتهم إلى عبادتها أصلاً أو عدم دعوة مستجابة أو عدم استجابةِ دعوةٍ لهَا وقيلَ جرمَ بمعنى كسبَ وفاعلُه مستكنٌّ فيهِ أي كسبَ ذلكَ الدعاءُ إليهِ بطلانَ دعوتِه بمعنى ما حصلَ من ذلكَ إلا ظهورُ بطلانِ دعوتِه وقيل : جرمَ فعلٌ من الجَرْمِ وهو القطعُ كما أن بُدّاً من لا بد فُعْلٌ من التبديد أي التفريق والمعنى لا قطع لبطلان ألوهية الأصنام أي لا ينقطع في وقت ما فينقلب حقاً ويؤيده قولهم لا جُرْم أنه يفعل بضم الجيم وسكون الراء وفُعْلٌ وفَعَلٌ أخوان كرُشْد ورَشَد ﴿ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى الله ﴾ أي بالموتِ عطفٌ على أنَّ ما تدعونِني داخلٌ في حُكمِه وكذا قولُه تعالى :﴿ وَأَنَّ المسرفين ﴾ أي في الضلالِ والطغيانِ كالإشراكِ وسفكِ الدِّماءِ ﴿ هُمْ أصحاب النار ﴾ أي مُلازمُوهَا ﴿ فَسَتَذْكُرُونَ ﴾ وقُرىءَ فَستدكَّرُونَ أي فسيذكِّرُ بعضُكم بعضاً عند معاينةِ العذابِ ﴿ مَا أَقُولُ لَكُمْ ﴾ من النضائحِ ﴿ وَأُفَوّضُ أَمْرِى إِلَى الله ﴾ قالَه لما أنَّهم كانُوا توعَّدُوه ﴿ إِنَّ الله بَصِيرٌ بالعباد ﴾ فيحرُسُ مَنْ يلوذُ به من المكارِه ﴿ فَوقَاهُ الله سَيّئَاتِ مَا مَكَرُواْ ﴾ شدائدَ مكرِهم وما همّوا به من إلحاقِ أنواعِ العذابِ بمن خالفَهم قيلَ نَجا معَ مُوسى عليهِ السَّلامُ ﴿ وَحَاقَ بِئَالِ فِرْعَوْنَ ﴾ أي بفرعونَ وقومِه، وعدمُ التصريحِ بهِ للاستغناءِ بذكرِهم عنْ ذكرِه ضرورةَ أنَّه أولى منُهم بذلكَ وقيل : بطَلَبةِ المؤمنِ منْ قومِه لما أنَّه فرَّ إلى جبلٍ فاتبعَهُ طائفةٌ ليأخذُوه فوجدُوه يُصلِّي والوحوسُ صفوفٌ حولَهُ فرجعُوا رُعْباً فقتلَهُم ﴿ سُوء العذاب ﴾ الغرقُ والقتلُ والنَّارُ.


الصفحة التالية
Icon