﴿ وَقَالَ الذين فِى النار ﴾ من الضعفاءِ والمستكبرينَ جميعاً لمَّا ضاقتْ حيلُهم وعيّتُ بهم عِللُهم ﴿ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ﴾ أي للقُوَّامِ بتعذيبِ أهلِ النَّارِ، ووضعُ جهنمَ موضعَ الضميرِ للتهويلِ والتفظيعِ أو لبيانِ محلِّهم فيَها بأنْ تكونَ جهنمُ أبعدَ دركاتِ النَّارِ وفيها أَعْتَى الكفرةِ وأطغاهُم أو لكونِ الملائكةِ الموكلينَ بعذابِ أهلِها أقدرَ على الشفاعةِ لمزيدِ قُربهم منَ الله تعالى :﴿ ادعوا رَبَّكُمْ يُخَفّفْ عَنَّا يَوْماً ﴾ أي مقدارَ يومٍ أو في يومٍ ما منَ الأيامِ على أنه ظرفٌ لا معيارُ شيئاً ﴿ مّنَ العذاب ﴾ واقتصارهُم في الاستدعاءِ على ما ذُكرَ من تخفيفِ قدرٍ يسيرٍ من العذابِ في مقدارِ قصيرٍ من الزمانِ دونَ رفعِه رأساً أو تخفيفِ قدرٍ كثيرٍ منْهُ في زمانٍ مديدٍ لأنَّ ذلكَ عندهُم مما ليسَ في حيزِ الإمكانِ ولا يكادُ يدخلُ تحتَ أَمانيِّهم ﴿ قَالُواْ ﴾ أي الخزنةُ ﴿ أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بالبينات ﴾ أيْ ألم تُنبهوا على هَذا ولم تكُ تأتيكُم رسلُكم في الدُّنيا على الاستمرارِ بالحججِ الواضحةِ الدالةِ على سُوءِ مغبةٍ ما كنتُم عليهِ من الكُفرِ والمَعَاصِي، كَما في قولِه تعالى :﴿ أَلَمْ يأْتِكُم رُسل مِنْكُم يَتْلونَ عَلَيْكُم ءايات رَبِكُم وَيُنْذِرُونَكُم لِقَاء يَومِكُم هذا ﴾ أرادُوا بذلكَ إلزامَهُم وتوبيخَهُم على إضاعةِ أوقاتِ الدُّعاءِ وتعطيلِ أسبابِ الإجابةِ ﴿ قَالُواْ بلى ﴾ أي أتَونا بها فكذَّبناهُم كما نطقَ به قولُه تعالَى :﴿ بلى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ الله مِن شَىْء إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضلال كَبِيرٍ ﴾ والفاءُ في قولِه تعالَى :﴿ قَالُواْ فادعوا ﴾ فصحيةٌ كما في قولِ مَنْ قالَ


الصفحة التالية
Icon