وإذا كانوا قد تأولوا حولاً أكتعاً ويوماً أجمعاً على البدل مع أنهما لا يليان العوامل فأن يدعي في كل البدل أولى، وأيضاً فتنكير ﴿ كُلٌّ ﴾ ونصبه حالاً في غاية الشذوذ نحو مررت بهم كلا أي جميعاً.
ثم قال : فإن قلت : كيف تجعله بدلاً وهو بدل كل من كل من ضمير المتكلم وهو لا يجوز على مذهب جمهور النحويين؟ قلت : مذهب الأخفش.
والكوفيين جوازه وهو الصحيح، على أن هذا ليس مما وقع فيه الخلاف بل إذا كان البدل يفيد الإحاطة جاز أن يبدل من ضمير المتكلم وضمير المخاطب لا نعلم خلافاً في ذلك كقوله تعالى :﴿ تَكُونُ لَنَا عِيداً لاِوَّلِنَا وَءاخِرِنَا ﴾ [ المائدة : ١١٤ ] وكقولك : مررت بكم صغيركم وكبيركم معناه مررت بكم كلكم وتكون لنا عيداً كلنا، فإذا جاز ذلك فيما هو بمعنى الإحاطة فجوازه فيما دل على الإحاطة وهو ﴿ كُلٌّ ﴾ أولى ولا التفات لمنع المبرد البدل فيه لأنه بدل من ضمير المتكلم لأنه لم يحقق مناط الخلاف انتهى، ولعل القول بالتوكيد أحسن من هذا وأقرب، ورد ابن مالك له لا يعول عليه ﴿ إِنَّ الله قَدْ حَكَمَ بَيْنَ العباد ﴾ فأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، وقدر لكل منا ومنكم عذاباً لا يدفع عنه ولا يتحمله عنه غيره.


الصفحة التالية
Icon