ولما كان التذكيب به تكذيباً بجميع الرسالات الإلهية، أكد عظمته بذلك وبالإضافة إلى مظهر العظمة، تحذيراً للمكذبين من سطواته، وتذكيراً لهم بأن العمل مع الرسول عمل مع من أرسله، فلذا لفت الكلام على الاسم الجامع لصفتي الجلال والإكرام فقال تعال :﴿وبما أرسلنا﴾ أي على ما لنا من العظمة ﴿به رسلنا﴾ من جميع الملل والشرائع بكتاب كان أو بغيره، وهو بحيث لا يحاط بكنه جلاله وعظمه حاله، ولذا تسبب عنه تهديدهم في قوله تعالى :﴿فسوف يعلمون﴾ أي بوعيد صادق لا خلف فيه، ما يحل بهم من سطوتنا.
ولما كانوا في الدنيا قد جمعت أيديهم إلى أذقانهم بجوامع السطوة، ثم وصلت بسلاسل القهر يساقون بها عن مقام الظفر بالنجاح إلى أهويات الكفر بالجدال بالباطل ومهامه الضلال المبين كما قال تعالى ﴿إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً﴾ [ يس : ٨ ] الآية، فجعل باطن تلك السلاسل الدنيوية والأغلال ظاهراً في ذلك المجمع قال :﴿إذ﴾ أي حين تكون ﴿الأغلال﴾ جمع غل، قال في ديوان الأدب، هو الذي يعذب به الإنسان.
وقال القزاز : الغل من الحديد معروف، ويكون من القد، وقال في النهاية : هو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه، ويقال لها جامعة أيضاً - انتهى.