وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ الله الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض قَرَاراً ﴾
زاد في تأكيد التعريف والدليل ؛ أي جعل لكم الأرض مستقراً لكم في حياتكم وبعد الموت.
﴿ والسمآء بِنَآءً ﴾ تقدّم.
﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾ أي خلقكم في أحسن صورة.
وقرأ أبو رزين والأشهب العقيلي "صِوَرَكُمْ" بكسر الصاد ؛ قال الجوهري : والصِّور بكسر الصاد لغة في الصُّوَر جمع صورة، وينشد هذا البيت على هذه اللغة يصف الجواري :
أشبَهْنَ مِن بَقَرِ الْخَلْصَاءِ أعْيُنَها...
وهُنَّ أحْسَنُ مِن صِيرانِها صِوراً
( والصِّيران جمع صُوَار وهو القطيع من البقر والصِوار أيضاً وعاء المسك ) وقد جمعهما الشاعر بقوله :
إذ لاَحَ الصّوارُ ذكَرتُ لَيْلَى...
وأذْكُرَها إذا نَفَح الصّوَارُ
والصِّيار لغة فيه.
﴿ وَرَزَقَكُمْ مِّنَ الطيبات ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ الله رَبُّ العالمين ﴾ تقدّم.
﴿ هُوَ الحي ﴾ أي الباقي الذي لا يموت ﴿ لاَ إله إِلاَّ هُوَ فادعوه مُخْلِصِينَ لَهُ الدين ﴾ أي الطاعة والعبادة.
﴿ الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين ﴾ قال الفراء : هو خبر وفيه إضمار أمر أي ادعوه واحمدوه.
وقد مضى هذا كله مستوفى في "البقرة" وغيرها.
وقال ابن عباس : من قال :"لاَ إله إِلاَّ الله" فليقل "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ".
قوله تعالى :﴿ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ ﴾ أي قل يا محمد : نهاني الله الذي هو الحي القيوم ولا إله غيره ﴿ أَنْ أَعْبُدَ ﴾ غيره ﴿ لَمَّا جَآءَنِيَ البينات مِن رَّبِّي ﴾ أي دلائل توحيده ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ ﴾ أذل وأخضع ﴿ لِرَبِّ العالمين ﴾ وكانوا دعوه إلى دين آبائه، فأمر أن يقول هذا. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٥ صـ ﴾


الصفحة التالية