وقال الزمخشري : إن الركوب وبلوغ الحاجة يصح أن يكونا غرض الحكيم جل شأنه لما فيهما من المنافع الدينية كإقامة دين وطلب علم واجب أو مندوب فلذا جىء فيهما باللام بخلاف الأكل وإصابة المنافع فإنهما من جنس المباحات التي لا تكون غرض الحكيم.
وهو مبني على مذهبه من الربط بين الأمر والإرادة ولا يصح أيضاً لأن المباحات التي هي نعمة تصح أن تكون غرض الحكيم جل جلاله عندهم، ويا ليت شعري ماذا يقول في قوله تعالى :﴿ هُوَ الذى جَعَلَ لَكُمُ الليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ ﴾ [ يونس : ٦٧ ] نعم لو ذكر أنه لاشتماله على الغرض الديني كان أنسب بدخول اللام لكان وجهاً إن تم.
وقيل : تغيير النظم الجليل في الأكل لمراعاة الفواصل كما أن تقديم الجار والمجرور لذلك.
وأما قوله تعالى :﴿ وَلَكُمْ فيِهَا منافع ﴾ فكالتابع للأكل فأجرى مجراه وهو كما ترى، وقوله تعالى :﴿ وَعَلَيْهَا ﴾ توطئة لقوله سبحانه :﴿ وَعَلَى الفلك تُحْمَلُونَ ﴾ ليجمع بين سفائن البر وسفائن البحر فكأنه قيل : وعليها في البر وعلى الفلك في البحر تحملون فلا تكرار.
وفي إرشاد العقل السليم لعل المراد بهذا الحمل حمل النساء والولدان عليها بالهودج وهو السر في فصله عن الركوب، وتقديم الجار قيل : لمراعاة الفواصل كتقديمه قبل.
وقيل التقديم هنا وفيما تقدم للاهتمام ؛ وقيل :﴿ عَلَى الفلك ﴾ دون في الفلك كما في قوله تعالى :﴿ احمل فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾ [ هود : ٤٠ ] لأن معنى الظرفية والاستعلاء موجود فيها فيصح كل من العبارتين، والمرجح لعلى هنا المشاكلة.


الصفحة التالية
Icon