﴿ لَخَلْقُ السموات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس ﴾ تحقيقٌ للحقِّ وتبيينٌ لأشهرِ ما يُجادلونَ فيهِ من أمرِ البعثِ على منهاجِ قولِه تعالى :﴿ أَوَلَيْسَ الذى خَلَقَ السموات والأرض بقادر على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ﴾ ﴿ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ لقصُورِهم في النظرِ والتأملِ لفرطِ غفلتِهم واتباعِهم لأهوائِهم. ﴿ وَمَا يَسْتَوِى الأعمى والبصير ﴾ أي الغافلُ والمستبصرُ ﴿ والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَلاَ المسىء ﴾ أي والمحسنُ والمسيءُ فلا بُدَّ أنْ تكونَ لهم حالٌ أُخرى يظهرُ فيها ما بينَ الفريقينِ من التفاوتِ وهيَ فيما بعدَ البعثِ وزيادةُ لا في المسيءِ لتأكيدِ النفي لطولِ الكلامِ بالصلةِ ولأنَّ المقصودَ نفي مساواتِه للمحسنِ فيَما له من الفضلِ والكرامةِ والعاطفُ الثاني عطفُ الموصولِ بما عُطفَ عليهِ على الأعمى والبصيرُ لتغايرِ الوصفينِ في المقصودِ أو الدلالةِ بالصراحةِ والتمثيلِ ﴿ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ على الخطابِ بطريقِ الالتفاتِ أي تذكراً قليلاً تتذكرون، وقُرِىءَ على الغَيبةِ. والضميرُ للناسِ أو الكفَّارِ.
﴿ إِنَّ الساعة لاَتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا ﴾ أي في مجيئِها لوضوحِ شواهدِها وإجماعِ الرسلِ على الوعدِ بوقوعِها. ﴿ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ لا يُصدقونَ بها لقصورِ أنظارِهم على ظواهرِ ما يُحسُّون به.
﴿ وَقَالَ رَبُّكُمْ ادعونى ﴾ أي اعبدونِي ﴿ أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ أي أُثِبْكُم لقولِه تعالى :﴿ إِنَّ الذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخرين ﴾ أيْ صاغرينَ أذلاّء وإنْ فُسِّرِ الدعاءُ بالسؤالِ كانَ الأمرُ الصارفُ عنه منزّلاً منزلةَ الاستكبارِ عن العبادةِ للمبالغةِ أو المرادُ بالعبادةِ الدعاءُ فإنَّه من أفضلِ أبوابِها. وقُرِىءَ سيُدخلُونَ على صيغةِ المبنيِّ للمفعولِ من الإدخالِ.