وقال الآلوسى :
﴿ الله الذى جَعَلَ لَكُمُ الأرض قَرَاراً ﴾
أي مستقراً ﴿ والسماء ﴾ أي قبة ومنه أبنية العرب لقبابهم التي تضرب وإطلاق ذلك على السماء على سبيل التشبيه، وهو تشبيه بليغ وفيه إشارة لكريتها.
وهذا بيانل فضله تعالى المتعلق بالمكان بعد بيان فضله المتعلق بالزمان، وقوله سبحانه :﴿ بالحق وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾ بيان لفضله تعالى المتعلق بأنفسهم، والفاء في ﴿ فَأَحْسَنَ ﴾ تفسيرية فالمراد صوركم أحسن تصوير حيث خلق كلاً منكم منتصب القامة بادي البشرة متناسب الأعضاء والتخطيطات متهيأ لمزاولة الصنائع واكتساب الكمالات.
وقرأ الأعمش.
وأبو رزين ﴿ صُوَرَكُمْ ﴾ بكسر الصاد فراراً من الضمة قبل الواو، وجمع فعلة بضم الفاء على فعل بكسرها شاذ ومنه قوة وقوى بكسر القاف في الجمع.
وقرأ فرقة ﴿ صُوَرَكُمْ ﴾ بضم الصاد وإسكان الواو على نحو بسرة وبسر ﴿ وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات ﴾ أي المستلذات طعماً ولباساً وغيرهما وقيل الحلال ﴿ ذلكم ﴾ الذي نعت بما ذكر من النعوت الجليلة ﴿ الله رَبُّكُمُ ﴾ خبران لذلكم ﴿ فَتَبَارَكَ الله ﴾ تعالى بذاته ﴿ رَبّ العالمين ﴾ أي مالكهم ومربيهم والكل تحت ملكوته مفتقر إليه تعالى في ذاته ووجوده وسائر أحواله جميعها بحيث لو انقطع فيضه جل شأنه عنه آنا لعدم بالكلية.
﴿ هُوَ الحى ﴾ المنفرد بالحياة الذاتية الحقيقية ﴿ لاَ إله إِلاَّ هُوَ ﴾ إذ لا موجود يدانيه في ذاته وصفاته وأفعاله عز وجل ﴿ فادعوه ﴾ فاعبدوه خاصة لاختصاص ما يوجب ذلك به تعالى.
وتفسير الدعاء بالعبادة هو الذي يقتضيه قوله تعالى :﴿ مُخْلِصِينَ لَهُ الدين ﴾ أي الطاعة من الشرك الخفي والجلي وأنه الأليق بالترتب على ما ذكر من أوصاف الربوبية والألوهية، وإنما ذكرت بعنوان الدعاء لأن اللائق هو العبادة على وجه التضرع والانكسار والخضوع ﴿ الحمد للَّهِ رَبّ العالمين ﴾ أي قائلين ذلك.
أخرج ابن جرير.
وابن المنذر.


الصفحة التالية
Icon