واعلم أنه تعالى رتب عمر الإنسان على ثلاث مراتب أولها : كونه طفلاً، وثانيها : أن يبلغ أشده، وثالثها : الشيخوخة وهذا ترتيب صحيح مطابق للعقل، وذلك لأن الإنسان في أول عمره يكون في التزايد والنشوء والنماء وهو المسمى بالطفولية والمرتبة الثانية : أن يبلغ إلى كمال النشوء وإلى أشد السن من غير أن يكون قد حصل فيه نوع من أنواع الضعف، وهذه المرتبة هي المراد من قوله ﴿لتبلغوا أشدكم﴾ والمرتبة الثالثة : أن يتراجع ويظهر فيه أثر من آثار الضعف والنقص، وهذه المرتبة هي المراد من قوله ﴿ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخاً﴾ وإذا عرفت هذا التقسيم عرفت أن مراتب العمر بحسب هذا التقسيم لا تزيد على هذه الثلاثة، قال صاحب "الكشاف" قوله ﴿لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ﴾ متعلق بفعل محذوف تقديره ثم يبقيكم لتبلغوا.
ثم قال :﴿وَمِنكُمْ مَّن يتوفى مِن قَبْلُ﴾ أي من قبل الشيخوخة أو من قبل هذه الأحوال إذا خرج سقطاً.
ثم قال :﴿وَلِتَبْلُغُواْ أَجَلاً مُّسَمًّى﴾ ومعناه يفعل ذلك لتبلغوا أجلاً مسمى وهو وقت الموت وقيل يوم القيامة.
ثم قال :﴿وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ ما في هذه الأحوال العجيبة من أنواع العبر وأقسام الدلائل.
هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٦٨)


الصفحة التالية
Icon