وقال الآلوسى :
﴿ هُوَ الذى خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ﴾
في ضمن خلق آدم عليه السلام منه حسبما مر تحقيقه ﴿ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ﴾ أي ثم خلقكم خلقاً تفصيلياً من نطفة أي من منى ﴿ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ﴾ قطعة دم جامد ﴿ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ﴾ أي أي أطفالاً وهو اسم جنس صادق على القليل والكثير.
وفي "المصباح"، قال ابن الأنباري : يكون الطفل بلفظ واحد للمذكر والمؤنث والجمع ويجوز فيه المطابقة أيضاً ؛ وقيل : إنه أفرد بتأويل خلق كل فرد من هذا النوع ثم يخرج كل فرد منه طفلاً ﴿ ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ ﴾ لللام فيه متعلقة بمحذوف تقديره ثم يبقيكم لتبلغوا وذلك المحذوف عطف على ﴿ يُخْرِجُكُمْ ﴾ وجوز أن يكون ﴿ لِتَبْلُغُواْ ﴾ عطفاً على علة مقدرة ليخرجكم كأنه قيل : ثم يخرجكم لتكبروا شيئاً فشيئاً ثم لتبلغوا أشدكم وكمالكم في القوة والعقل، وكذا الكلام في قوله تعالى :﴿ ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخاً ﴾ ويجوز عطفه على ﴿ لِتَبْلُغُواْ ﴾.
وقرأ ابن كثير.
وابن ذكوان.
وأبو بكر.
وحمزة.
والكسائي ﴿ شُيُوخاً ﴾ بكسر الشين.
وقرىء ﴿ شَيْخًا ﴾ كقوله تعالى :﴿ طِفْلاً ﴾ ﴿ وَمِنكُمْ مَّن يتوفى مِن قَبْلُ ﴾ أي من قبل الشيخوخة بعد بلوغ الأشد أو قبله أيضاً ﴿ وَلِتَبْلُغُواْ ﴾ متعلق بفعل مقدر بعده أي ولتبلغوا ﴿ أَجَلاً مُّسَمًّى ﴾ هو يوم القيامة بفعل ذلك الخلق من تراب وما بعده من الأطوار، وهو عطف على ﴿ خَلَقَكُمْ ﴾ والمراد من يوم القيامة ما فيه من الجزاء فإن الخلق ما خلقوا إلا ليعبدوا ثم يبلغوا الجزاء، وتفسير الأجل المسمى بذلك مروى عن الحسن، وقال بعض : هو يوم الموت.
وتعقب بأن وقت الموت فهم من ذكر التوفي قبله فالأولى تفسيره بما تقدم، وظاهر صنيع الزمخشري ترجيح هذا على ما بين في "الكشف" ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ ولكي تعقلوا ما في ذلك التنقل في الأطوار من فنون الحكم والعبر.


الصفحة التالية
Icon