ثم أنس تعالى نبيه ووعده بقوله :﴿ فاصبر إن وعد الله حق ﴾ أي في نصرك وإظهار أمرك، فإن ذلك أمر إما أن ترى بعضه في حياتك فتقر عينك به، وإما أن تموت قبل ذلك فإلى أمرنا وتعذيبنا يصيرون ويرجعون.
وقرأ الجمهور :" يُرجعون " بضم الياء. وقرأ أبو عبد الرحمن ويعقوب " يَرجعون " بفتح الياء. وقرأ طلحة بن مصرف ويعقوب في رواية الوليد بن حسان : بفتح التاء منقوطة من فوق.
وقوله تعالى :﴿ ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك ﴾ الآية رد على العرب الذين قالوا : إن الله لا يبعث بشراً رسولاً واستبعدوا ذلك.
وقوله تعالى :﴿ منهم من قصصنا ﴾ قال النقاش : هم أربعة وعشرون.
وقوله تعالى :﴿ ومنهم من لم نقصص عليك ﴾ روي من طريق أنس بن مالك عن النبي عليه السلام أن الله تعالى بعث ثمانية آلاف رسول. وروي عن سلمان عن النبي عليه السلام قال :" بعث الله أربعة آلاف نبي " وروي عن ابن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما أنه قال : بعث الله رسولاً من الحبشة أسود، وهو الذي يقص على محمد.
قال القاضي أبو محمد : وهذا إنما ساقه على أن هذا الحبشي مثال لمن لم يقص، لا أنه هو المقصود وحده، فإن هذا بعيد.
وقوله تعالى ﴿ وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ﴾ رد على قريش في إنكارهم أمر محمد ﷺ وقولهم إنه كاذب على الله تعالى. والإذن يتضمن علماً وتمكيناً. فإذا اقترن به أمر قوي كما هو في إرسال النبي، ثم قال تعالى :﴿ فإذا جاء أمر الله ﴾ أي إذا أراد الله إرسال رسول وبعثة نبي، قضى ذلك وأنفذه بالحق، وخسر كل مبطل وحصل على فساد آخرته، وتحتمل الآية معنى آخر، وهو أن يريد ب ﴿ أمر الله ﴾ القيامة، فتكون الآية توعداً لهم بالآخرة.
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٧٩)


الصفحة التالية
Icon