وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (٧٧) ﴾
أمر تعالى نبيه بالصبر تأنيساً له، وإلافهو، عليه السلام، في غاية الصبر، وأخبر بأن ما وعده من النصر والظفر وإعلاء كلمته وإظهار دينه حق.
قيل : وجواب ﴿ فإما نرينك ﴾ محذوف لدلالة المعنى عليه، أي فيقر عينك، ولا يصح أن يكون ﴿ فإلينا يرجعون ﴾ جواباً للمعطوف عليه والمعطوف، لأن تركيب ﴿ فإما نرينك ﴾ بعض الموعود في حياتك، ﴿ فإلينا يرجعون ﴾ ليس بظاهر، وهو يصح أن يكون جواب، ﴿ أو نتوفينك ﴾ : أي ﴿ فإلينا يرجعون ﴾، فننتقم منهم ونعذبهم لكونهم لم يتبعوك.
ونظير هذه الآية قوله :﴿ فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ﴾ إلا أنه هنا صرح بجواب الشرطين.
وقال الزمخشري :﴿ فإلينا يرجعون ﴾ متعلق بقوله :﴿ نتوفينك ﴾، وجزاء ﴿ نرينك ﴾ محذوف تقديره : فإما نرينك بعض الذي نعدهم من العذاب، وهو القتل يوم بدر فذاك، أو أن نتوفينك قبل يوم بدر، فإلينا يرجعون يوم القيامة، فننتقم منهم أشد الانتقام.
وقد تقدم للزمخشري نحو هذا البحث في سورة يونس في قوله :﴿ وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ﴾ ورددنا عليه، فيطالع هناك.
وقال الزمخشري أيضاً :﴿ فإما نرينك ﴾ أصله فإن نرك، وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط، ولذلك ألحقت النون بالفعل.
ألا تراك لا تقول : إن تكرمني أكرمك، ولكن أما تكرمني أكرمك؟ انتهى.
وما ذهب إليه من تلازم ما لمزيده، ونون التوكيد بعد أن الشرطية هو مذهب المبرد والزجاج.
وذهب سيبويه إلى أنك إن شئت أتيت بما دون النون، وإن شئت أتيت بالنون دون ما.