قوله :﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ ومثله فى الأَعراف، لكنه ختم بقوله ﴿سَمِيْعٌ عَلِيْمٌ﴾ ؛ الآية فى هذه السّورة متَّصلة بقوله :﴿وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ وكان مؤكَّداً بالتكرار، وبالنفى والإِثبات، فبالغ فى قوله :﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ بزيادة (هو) وبالأَلف واللام، ولم يكن فى الأَعراف هذا النَّوع من الاتِّصال، فأَتى على القياس : المخبرُ عنه معرفة، والخبر نكرة.
قوله :﴿فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ وفى عسق بزيادة قوله :﴿إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ وزاد فيها أَيضاً :﴿بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ ؛ لأَنَّ المعنى : تفرق قول اليهود فى التَّوراة، وتفرّق قولُ الكافرين فى القرآن، ولولا كلمة سبَقَت من ربِّك بتأْخير العذاب إِلى يوم الجزاءِ، لقُضى بينهم بإِنزال العذاب عليهم، وخُصّت عسق
بزيادة قوله تعالى :﴿إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ لأَنَّه ذكر البداية فى أَوّل الآية وهو ﴿وَمَا تَفَرَّقُواْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ﴾ وهو مبدأُ كفرهم، فحسن ذكر النَّهاية الَّتى أُمهِلوا إِليها ؛ ليكون محدوداً من الطَّرفين.
قوله :﴿وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ [فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ﴾ وبعده :﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ] فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ﴾ لا منافاة بينهما ؛ لأَنَّ معناه : قَنُوط من الصّنم، دَعَّاء لله.
وقيل : يئوس قَنُوط بالقلب دَعَّاء باللِّسان.
وقيل : الأَوّل فى قوم والثَّانى فى آخرين.
وقيل الدُّعاءُ مذكور فى الآيتين، وهو ﴿لاَّ يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِن دُعَآءِ الْخَيْرِ﴾ فى الأَوّل، و ﴿ذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ﴾ فى الثَّانى.