وعن قضية الوحي يرد كلام كثير يكاد يجعل هذا الموضوع هو موضوع السورة الرئيسي. فهي تفتتح به في تفصيل: (حم. تنزيل من الرحمن الرحيم. كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون. بشيراً ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون. وقالوا: قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه، وفي آذاننا وقر، ومن بيننا وبينك حجاب، فاعمل إننا عاملون. قل: إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي...)... وفي وسطها يجيء عن استقبال المشركين لهذا القرآن:(وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون).. ثم يرد تفصيل كثير لهذا الاستقبال والرد على أقوالهم فيه:(إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم، وإنه لكتاب عزيز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد. ما يقال لك: إلا ما قد قيل للرسل من قبلك. إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم. ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا: لولا فصلت آياته ؟ أأعجمي وعربي ؟ قل: هو للذين آمنوا هدى وشفاء، والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر، وهو عليهم عمى. أولئك ينادون من مكان بعيد...)..
وأما عن طريقة الدعوة وخلق الداعية فيرد قوله:(ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً، وقال: إنني من المسلمين. ولا تستوي الحسنة ولا السيئة. ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم. وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله، إنه هو السميع العليم)..
هذه القضايا تعرض في حشد من المؤثرات الشعورية العميقة. تعرض في المجال الكوني الحافل بالآيات العظام. وتعرض في عالم النفس البشرية العجيبة التكوين. وتعرض في مجال بشري من مصارع الغابرين. وأخيراً تعرض في جو من مشاهد القيامة وتأثيرها العميق ; وبعض هذه المشاهد فريد في صوره ومواقفه يثير الدهش الشديد.