قال: [وقد سمعت بعض العرب ينشد:
أبلغْ جذاما ولخما أن إخوتهم * طيا وبهراء قوم نصرهم نِحس].
وهذا لمن ثقّل، ومن خفّف بناه على قوله: "فى يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ".
﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾
وقوله: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ...﴾.
القراءة برفع ثمود، قرأ بذلك عاصم، وأهل المدينة والأعمش. إلا أن الأعمش كان يجرى ثمود فى كل القرآن إلا قوله: ﴿وآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ﴾، فإنه كان لا ينون، لأَنّ كتابه بغير ألف. ومن أجراها جعلها اسماً لرجل أو لجبل، ومن لم يجرها جعلها اسماً للأُمة التى هى منها قال: وسمعت بعض العرب يقول: تترك بنى أسد وهم فصحاء، فلم يُجْر أسدَ، وما أردت به القبيلة من الأَسماء الى تجرى فلا تحرها، وإجراؤها أجود فى العربية مثلَ قولك: جاءتك تميمٌ بأسرها، وقيس بأسرها، فهذا مما يُجْرَى، ولا يُجْرى مثل التفسير فى ثمود وأسد.
وكان الحسن يقرأ: "وأمَّا ثَمُودَ فَهَدَيْنَاهُمْ" بنصب، وهو وجه، والرفع أجود منه، لأنّ أمّا تطلب الأسماء، وتمتنع من الأفعال، فهى بمنزلة الصلة للاسم، ولو كانت أمّا حرفا يلى الاسم إذا شئت، والفعل إذا شئت كان الرفع والنصب معتدلين مثل قوله: ﴿والْقَمَرَ قَدَّرْناه مَنازِلَ﴾، ألا ترى أنّ الواو تكون مع الفعل، ومع الاسم؟ فتقول: عبدُالله ضربته وزيداً تركته ؛ لأنك تقول: وتركتُ زيدا، فتصلح فى الفعل الواو كما صلحت فى الاسم، ولا تقول: أمّا ضربتَ فعبدالله، كما تقول: أمّا عبدالله فضربت، ومن أجاز النصب وهو يرى هذه العلة [/ب] فإنه يقول: خِلْقَةُ ما نصب الأسماءَ أن يسبقها لا أن تسبقه. وكل صواب.
وقوله: ﴿فَهَدَيْنَاهُمْ...﴾.
يقول: دللناهم على مذهب الخير، ومذهب الشر كقوله: ﴿وهَدَيْنَاهُ النَّجدينِ﴾.
الخير، والشر.