وقال الأخفش :
سورة ( فصلت )
﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾
قال ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ﴾ فالكتاب خبر المبتدأ أخبر [به] أن التنزيل كتاب ثم قال ﴿فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾ شغل الفعل بالآيات حتى صارت بمنزلة الفاعل فنصب القرآن.
﴿ بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ * وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ﴾
وقوله ﴿بَشِيراً وَنَذِيراً﴾ حين شغل عنه. وان شئت جعلته نصبا على المدح كأنه حين أقبل على مدحه فقال "ذَكَرْنَا قُرْآناً عَرَبِيّاً بَشِيراً وَنَذِيراً" أَوْ "ذَكَرْنَاهُ قُرآناً عَرَبِيّاً" وكان فيما مضى من ذكره دليل على ما أضمر [١٦٧] وقال ﴿وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ معناه - و الله أعْلَمُ - "وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ حِجَابٌ" ولكن دخلت "مِنْ" للتوكيد.
﴿ قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾
وأما قوله ﴿خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ ثم قال ﴿أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ﴾ [١٠] فانما يعني ان هذا مع الأول اربعة ايام كما تقول "تَزَوَّجْتُ أَمْسِ امرأةً، واليومَ ثِنْتَيْنِ" واحداهما التي تزوجتها امس.
قال ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾ يقول: "بِخَيْرٍ".
﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ ﴾
وَأَمَّا من نَصَبَ ﴿سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ﴾ فجعله مصدرا كأنه قال "اِسْتِواءً" وقد قرىء بالجرّ وجعل اسما للمستويات أي: في أَرْبَعَةِ أَيّامٍ تامَّةٍ.