العالم بشئون خلقه كلها وفيما أودعه في مكوناته من الحكم والمنافع والمصالح لعباده "فَإِنْ أَعْرَضُوا" عنك يا سيد الرسل بعد أن أبديت لهم ذلك ولم يعتبروا بما أبدعه ربك من الآيات الدالات على وحدانيته وعظيم سلطانه وبالغ قدرته "فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ" ١٣ وقرئ صعقة والصعق الموت خوفا، وذلك أن عادا أهلكوا بالريح وثمود بالصيحة، وإنما أهلكهم اللّه لأنهم حين "إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ" من كل جانب بمعنى أنهم بذلوا وسعهم وقصارى جهدهم بأنواع الإرشاد والنصح وأنذروهم "أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ" وحده واتركوا عبادة الأوثان "قالُوا" عنادا وعتوا إنا لا نطيع بشرا مثلنا "لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً" يدعوننا لعبادته لأن البشر لا يصلح للنيابة عن اللّه في الدعوة إليه "فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ" ١٤ لا نصدق بما جئتم به ونكذبكم لأنكم مثلنا لا فضل لكم علينا يؤهلكم لهذه الدعوة.
مطلب قول رسول قريش لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم وما رد عليه به حضرة الرسول والأيام النحسات :
قال ملأ من قريش وأبو جهل : قد التبس علينا أمر محمد فالتمسوا رجلا عاقلا عالما بالشعر والسحر والكهانة يكلمه ويأتينا ببيانه، فاتفقوا على عتبة بن ربيعة، فذهب إليه، وقال يا محمد أنت خير أم هاشم، أنت خير أم عبد المطلب، أنت خير أم عبد اللّه، فيم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا، فإن كان ما بك للرياسة عقدنا لك ألويتنا فكنت رئيسا ما بقيت، وإن كان ما بك من الباءة زوجناك عشر نساء تختارهن من بنات قريش كلها، وإن كان ما بك من المال جمعنا لك ما تستغني به
أنت وعقبك من بعدك، والنبي صلّى اللّه عليه وسلم ساكت، فلما فرغ قال اسمع يا عتبة :