اليوم "فِي الْآخِرَةِ"
كذلك لا نقارقكم أبدا حتى تدخلوا مقركم في الجنة "وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ"
من أكل وشرب ولبس وظلال وترف وصحبة ونساء وغيرها "وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ"
٣١ تطلبون وتتمنون من كل ما يخطر ببالكم وهذا أعم من الأول "نُزُلًا" هذا الذي ذكر كله بمقام ما يقدم للضيف أول نزوله من شراب وقهوة، فما بالك بما يقدم له بعد، وناهيك برب المنزل "نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ" ٣٢ بالنازلين كثير المغفرة لما وقع منهم كيف وهو أكرم الأكرمين ممطر الألطاف والكرامة على عصاته، فكيف بأضيافه ومطيعيه "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ" أيا كان من عباده المخلصين وأمر بطاعته ونهى عن معصيته، وهذا عام في كل مؤمن يدعو الناس عامة طائعهم وعاصيهم برّهم وفاجرهم إلى عبادة اللّه ويدخل فيه الأنبياء بالدرجة
الأولى ثم الأمثل فالأمثل، ولا وجه لتخصيصها بالرسل عليهم السلام كما قاله بعض المفسرين، لأن إجراءها على عمومها أوفق للفظ وأنسب بالمعنى وأحسن بالمقصد "وَعَمِلَ صالِحاً" بإخلاص وحسن نية "وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" ٣٣ المذعنين المنقادين للّه تعالى قلبا وقالبا.
واعلم أن للدعوة إلى اللّه مراتب : الأولى دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالآيات والمعجزات والحجج والبراهين المقرونة بالتحدي وبالسيف إذا لم ينجع ذلك.
الثانية دعوة العلماء بالحجج والبراهين وطرق الإرشاد والنصح وضرب الأمثال فقط، ولا شك أن العلماء أقسام : علماء باللّه، وعلماء بصفاته، وعلماء بأحكامه، وقد يجمع الكل بواحد إذا كان من العارفين :
وليس على اللّه بمتنكر أن يجمع العالم في واحد
وكل من هؤلاء مكلف بإرشاد الناس إلى طرق الهداية، أوتوا من قوة في النطق وفي الدلائل الشرعية.


الصفحة التالية
Icon