" فوائد لغوية وإعرابية "
﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله صِبْغَةً﴾ مبتدأ وخبر، والاستفهام للإنكار، وقوله تعالى :﴿صِبْغَةَ﴾ تمييز منقول من المبتدأ نحو زيد أحسن من عمرو وجهاً والتقدير ومن صبغته أحسن من صبغة الله تعالى كما يقدر وجه زيد أحسن من وجه عمرو، والتفضيل جار بين الصبغتين لا بين فاعليهما أي لا صبغة أحسن من صبغته تعالى على معنى أنه أحسن من كل صبغة وحيث كان مدار التفضيل على تعميم الحسن للحقيقي والفرضي المبني على زعم الكفرة لم يلزم أن يكون في (صبغة) غيره تعالى حسن في الجملة، والجملة معترضة مقررة لما في صبغة الله تعالى من التبجح والابتهاج أو جارية مجرى التعليل للإغراء
﴿وَنَحْنُ لَهُ عابدون﴾ أي موحدون أو مطيعون متبعون ملة إبراهيم أو خاضعون مستكنون في اتباع تلك الملة، وتقديم الجار لإفادة اختصاص العبادة له تعالى، وتقديم المسند إليه لإفادة قصر ذلك الاختصاص عليهم، وعدم تجاوزه إلى أهل الكتاب فيكون تعريضاً لهم بالشرك أو عدم الانقياد له تعالى باتباع ملة إبراهيم، والجملة عطف على ﴿آمنا﴾ [البقرة : ٦٣١] وذلك يقتضي دخولة صبغة الله في مفعول ﴿قُولُواْ﴾ [البقرة : ٦٣١] لئلا يلزم الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالأجنبي، وإيثار الجملة الاسمية للاشعار بالدوام، ولمن نصب ﴿صِبْغَةَ﴾ على الإغراء أو البدل أن يضمر (قولوا) قبل هذه الجملة معطوفاً على الزموا على تقدير الإغراء، وإضمار القول سائغ شائع، والقرينة السياق لأن ما قبله مقول المؤمنين. أ هـ ﴿روح المعانى حـ١ صـ ٣٩٨﴾
لطيفة
قال القشيري : وللقلوب صبغة، وللأرواح صبغة، وللسرائر صبغة، وللظواهر صبغة، فصبغة الأشباح والظواهر بآثار التوفيق، وصبغة الأرواح والسرائر بأنوار التحقيق. أهـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ١٣٠﴾.
وقال الورتجبي : صبغة الله : صفته الخاصة التي خلق آدم عليها، وأورثت ذلك في أرواح ذريته من الأنبياء والأولياء. ثم قال : وسقاها من شراب الزلفة، وألهمها خصائص علوم الربوبية، فاستنارت بنور المعرفة، وخاضت في بحر الربوبية، وخرجت منها تجليات أسرار الوحدانية، وتكوّنت بصبغ الصفات. أهـ ﴿البحر المديد حـ ١ صـ ١٧١ ـ ١٧٢
وقال فى روح البيان :
اعلم أن العابد هو العامل بحق العبودية فى مرضاة الله تعالى والعبادة دون العبودية وهى دون العبودة لأن من لم يبخل بروحه فهو صاحب عبودة فالعبادة ببذل الروح فوق العبادة ببذل النفس
قال سهل بن عبد الله لا يصح التعبد لأحد حتى لا يجزع من أربعة أشياء من الجوع والعرى والفقر والذل
قال الشيخ أبو العباس رحمه الله : أوقات العبد أربعة لا خامس لها الطاعة والمعصية والنعمة والبلية ولكل وقت منها سهم من العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية فمن كان وقته النعمة فسبيله الشكر وهو فرح القلب بالله تعالى ومن كان وقته البلية فسبيله الرضى والصبر فعليك أن تراقب الأوقات إلى أن تصل أعلى الدرجات وغاية الغايات. أ هـ {روح البيان حـ١ صـ ٣٠٥﴾