أحدها : أن بعض لنصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه المعمودية، ويقولون : هو تطهير لهم.
وإذا فعل الواحد بولده ذلك قال : الآن صار نصرانياً فأمر المسملون أن يقولوا : آمنا وصبغنا الله صِبْغة لا مثل صِبْغتكم، وإنما جيء بفلظ الصِّبغة على طريق المُشَاكلة كما توقول لمن يغرس الأشجار :[ اغرس كما يغرس فلان، تريد رجلاً يصطنع الكرم.
والسبب في إطلاق لفظ الصبغة على الدين طريقة المُشَاكلة كما تقول لمن يغرس الأشجار وأنت تريد أن تأمره بالكرم ] : اغرس كما يغرس فلان، تريد رجلاً مواظباً على الكرم.
ونظيره قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ ﴾ [ البقرة : ١٤١٥ ]، ﴿ يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ ﴾ [ النساء : ١٤٢ ]، ﴿ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله ﴾ [ آل عمران : ٥٤ ]، ﴿ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ﴾ [ الشورى : ٤٠ ]، ﴿ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ ﴾ [ هود : ٣٨ ].
وثانيها : اليهود تصبغ أولادها يهوداً، والنصارى تصبغ أولادها نصارى بمعنى يلقونهم، فيصبغونهم بذلك لما يشربون في قُلُوبهم.
عن قتادة قال ابن الأنباري رحمه الله يقال : فلان يصبغ فلاناً في الشيء، أي : يدخله فيه، ويلزمه إياه كما يجعل الصبغ لازماً للثوب.
وأنشد ثعلب :[ الطويل ]
٨١٧ دَعِ الشَّرَّ وانْزِلْ بالنَّجَاةِ تَحَرُّزاً...
إِذا أنْتَ لَمْ يَصْبَغْكَ بِالشّرْعِ صَابِغُ
وثالثها : سمي الدين صبغة ؛ لأن هيئته تظهر بالمشاهدة من أثر الطَّهَارة والصلاة قال الله تعالى :﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ السجود ﴾ [ الفتح : ٢٩ ].