والمحاجة لا يمكن أن تقوم بين حق وحق وإنما تقوم بين حق وباطل وبين باطل وباطل.. لأن هناك حقا واحدا لكن هناك مائة طريق إلي الباطل.. فمادامت المحاجة قد قامت بيننا وبينكم ونحن على حق فلابد أنكم على باطل.. وليحسم الحق سبحانه وتعالى هذه المسألة ويمنع الجدل والجدال قال سبحانه :" ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون".. أي لا نريد جدلا لأن الجدل لن يفيد شيئا.. نحن لنا أعمالنا وأنتم لكم أعمالكم وكل عمل سيجازي صاحبه عليه بمدى إخلاصه لله.. ونحن أخلصنا العبادة لله وحدة وأنتم اتجهتم بعبادتكم إلي ما تحبه أهواؤكم.
إن الله سبحانه وتعالى الذي هو ربنا وربكم لا يفضل أحدا على أحد إلا بالعمل الصالح المخلص لوجه الله.. ولذلك فنحن نضع الإخلاص أولا وقد يكون العمل واحدا أمام الناس.. هذا يأخذ به ثوابا وذلك يأخذ به وزرا وعذابا فالمهم هو أن يكون العمل خالصا لله. قد يقول إنسان إن الإخلاص في العمل والعمل مكانه القلب.. ومادام الإنسان لا يؤذي أحدا ولا يفعل منكرا فليس من الضروري أن يصلي مادامت النية خالصة.. نقول إن المسألة ليست نيات فقط ولكنها أعمال ونيات.. ورسول الله ﷺ يقول :(إنما الأعمال بالنيات).
فلابد من عمل بعد النية.. لأن النية تنتفع بها وحدك والعمل ويعود على الناس.. فإذا كان في نيتك أن تتصدق وتصدقت انتفع الفقراء بمالك.. ولكن إذا لم يكن في نيتك فعل الخير وفعلته لتحصل على سمعة أو لترضي بشرا انتفع الفقراء بمالك ولن تنتفع أنت بثواب هذا المال.. والله سبحانه وتعالى يريد أن يقترن عملك بنية الإخلاص لله.. والعمل حركة في الحياة. والنية هي التي تعطي الثواب لصاحبه أو تمنع عنه الثواب ولذلك يقول الله جل جلاله :