وقال حجة الإسلام الغزالى ـ رحمه الله ـ :
معنى الإخلاص أن يخلص قلبه لله فلا يبقى فيه شرك لغير الله فيكون الله محبوب قلبه ومعبود قلبه ومقصود قلبه فقط ومن هذا حاله فالدنيا سجنه لأنها مانعة له من مشاهدة محبوبه وموته خلاص من السجن وقدوم على المحبوب فما حال من ليس له إلا محبوب واحد وقد طال اليه شوقه وتمادى عنه حبسه فخلى من السجن ومكن من المحبوب وروح بالأمن ابد الآباد فاحد أسباب ضعف حب الله في القلوب قوة حب الدنيا ومنه حب الأهل والمال والولد والأقارب والعقار والدواب والبساتين والمنتزهات حتى إن المتفرح بطيب أصوات الطيور وروح نسم الأسحار ملتفت إلى نعيم الدنيا ومتعرض لنقصان حب الله تعالى بسببه فبقدر ما أنس بالدنيا فينقص أنسه بالله ولا يؤتى أحد من الدنيا شيئا إلا وينقص بقدره من الآخرة بالضرورة كما أنه لا يقرب الإنسان من المشرق إلا ويبعد بالضرورة من المغرب بقدره ولا يطيب قلب امرأته إلا ويضيق به قلب ضرتها فالدنيا والآخرة ضرتان وهما كالمشرق والمغرب وقد انكشف ذلك لذوى القلوب انكشافا أوضح من الأبصار بالعين وسبيل قلع حب الدنيا من القلب سلوك طريق الزهد وملازمة الصبر والانقياد إليهما بزمام الخوف والرجاء. أهـ ﴿الإحياء ـ حـ٤ صـ ٢١٦﴾
بيان أقاويل الشيوخ في الإخلاص
قال السوسى الإخلاص فقد رؤية الإخلاص فإن من شاهد في إخلاصه الإخلاص فقد احتاج إخلاصه إلى إخلاص
وما ذكره إشارة إلى تصفية العمل عن العجب بالفعل فإن الالتفات إلى الإخلاص والنظر إليه عجب وهو من جملة الآفات
والخالص ما صفا عن جميع الآفات فهذا تعرض لآفة واحد وقال سهل رحمه الله تعالى الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة وهذه كلمة جامعة محيطة بالغرض وفي معناه قول إبراهيم بن أدهم الإخلاص صدق النية مع الله تعالى
وقيل لسهل أى شىء أشد على النفس فقال الإخلاص إذ ليس لها فيه نصيب وقال رويم الإخلاص في العمل هو أن لا يريد صاحبه عليه عوضا في الدارين


الصفحة التالية
Icon