وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْ فَالْعَاصِي يَنْجُو بِصَلَاحِ وَالِدِهِ. وَالْآيَاتُ الَّتِي تُؤَيِّدُ هَذِهِ الْآيَةَ كَثِيرَةٌ جِدًّا، فَهِيَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ الْإِلَهِيِّ لَا يُفِيدُ مَعَهَا تَأْوِيلُ الْمَغْرُورِينَ وَلَا غُرُورُ الْجَاهِلِينَ، بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ السَّابِقَةِ حَقِيقَةَ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ فِي سِيَاقِ دَعْوَةِ الْعَرَبِ إِلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَشْرَكَ مَعَهُمْ أَهْلَ الْكِتَابِ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ إِلَى الْإِيْمَانِ بِإِبْرَاهِيمَ وَأَجْدَرُ بِإِجْلَالِهِ وَاتِّبَاعِهِ، وَانْتَقَلَ الْكَلَامُ بِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ إِلَى بَيَانِ وَحْدَةِ الدِّينِ الْإِلَهِيِّ وَاتِّفَاقِ النَّبِيِّينَ فِي جَوْهَرِهِ، وَبَيَانِ جَهْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِهَذِهِ الْوَحْدَةِ، وَقِصَرِ نَظَرِهِمْ عَلَى مَا يَمْتَازُ بِهِ كُلُّ دِينٍ مِنَ الْفُرُوعِ وَالْجُزْئِيَّاتِ، أَوِ التَّقَالِيدِ الَّتِي أَضَافُوهَا عَلَى التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، فَبَعُدَ بِهَا كُلُّ فَرِيقٍ مِنَ الْآخَرِ أَشَدَّ الْبُعْدِ، وَصَارَ الدِّينُ الْوَاحِدُ كُفْرًا وَإِيْمَانًا، كُلُّ فَرِيقٍ مِنْ أَهْلِهِ يَحْتَكِرُ الْإِيْمَانَ لِنَفْسِهِ وَيَرْمِي الْآخَرَ بِالْكُفْرِ وَالْإِلْحَادِ، وَإِنْ كَانَ نَبِيُّهُمْ وَاحِدًا وَكِتَابُهُمْ وَاحِدًا.