كما قالوا : هو أعطاهم للدراهم وأولادهم للمعروف، وأكد لإنكارهم له.
ولما انتفت مدافعتهم عن أنفسهم، نفى دفع غيرهم فقال :﴿وهم﴾ أي أصابهم هذا العذاب وسيصيبهم عذاب الآخرة والحال أنهم ﴿لا يُنصرون﴾ أي لا يوجد ولا يتجدد لهم نصر أبداً بوجه من الوجوه.
ولما أنهى أمر صاعقتهم، شرع في بيان صاعقة ثمود فقال :﴿وأما ثمود﴾ وهم قوم صالح عليه الصلاة والسلام ﴿فهديناهم﴾ أي بينا لهم طريق الهدى من أنا قادرون على البعث وعلى كل شيء فلا شريك لنا، وكان بيان ذلك بالناقة غاية البيان فأبصروا ذلك بأبصارهم التي هي سبب أبصار بصائرهم غايه الإبصار، فكرهوا ذلك لما يلزمه من تنكب طريق آبائهم وأقبلوا على لزوم طريق آبائهم :﴿فاستحبوا العمى﴾ اي الضلال الناشئ عن عمى اليصر أو البصيرة أو هما معاً ﴿على الهدى﴾ أي أوجدوا من الأفعال والأقوال ما يدل على حب ذلك وعلى طلب حبه فعموا فضلوا، وقال القشيري : قيل : إنهم آمنوا وصدقوا ثم ارتدوا وكذبوا، فأجراهم مجرى إخوانهم في الاستئصال.
﴿فأخذتهم﴾ أي بسبب ذلك أخذ قسر وهوان ﴿صاعقة العذاب﴾ وأبلغ في وصفه بجعله نفس الهون فقال :﴿الهون﴾ أي ذي الهون، قامت ضمته مقام ما في الهوان من الصيغة فعلم أن المراد أنه المهين المخزي ﴿بما كانوا﴾ أي دائماً ﴿يكسبون﴾ أي يتجدد تحصيلهم له وعدهم له فائدة، فالآية من الاحتباك : ذكر الهداية أولاً دليلاً على حذف الضلال ثانياً والعمى ثانياً دليلاً على حذف الإبصار أولاً، وسره أنه نسب إليه أشرف فعليه، وأسند إليهم ما لا يرضاه ذو الروح.


الصفحة التالية
Icon